تقييد هذه الاستطاعة بشئ، لكن قيدها بعض الفقهاء ببعض الحالات:
فمثلا قيدها ابن إدريس بما إذا كان الباذل مملكا لما بذله للمبذول له (1)، وقيدها الشهيد بما إذا كان الباذل مملكا أو كان موثوقا به (2)، وقيدها بعضهم بما إذا كان البذل واجبا على الباذل، كما إذا كان ناذرا مثلا (3)، وقيدها جماعة - كما قال صاحب الحدائق - بأحد الأمرين: التمليك أو وجوب البذل (4)، وقيدها صاحب المدارك بما إذا كان الباذل موثوقا به (5).
2 - لو كان له بعض النفقة وبذل له متممها وجب الحج، لصدق الاستطاعة. وقال في المستمسك: " كذا ذكر جماعة مرسلين له إرسال المسلمات... " (6) ثم ذكر جماعة من الفقهاء.
3 - المعروف بين الفقهاء - كما يظهر -: أن وجوب الحج يستقر بمجرد البذل، لكن يظهر من بعضهم توقفه على قبول المبذول له، فلو لم يقبل لم يستقر الوجوب، مثل العلامة (1) وتوقف فيه الشهيد الأول (2)، لكن استظهر منه الشهيد الثاني أن الوجوب يحصل بمجرد البذل (3). ونسب إلى ابن إدريس الاشتراط، لكن كلامه خال منه إلا أن يستفاد من اشتراطه تمليك المبذول للمبذول له المتوقف - قهرا - على القبول (4).
4 - صرح كثير من الفقهاء بأن من وهب له مال لم يجب عليه قبوله، وعلله الشهيد الثاني: بأن القبول نوع اكتساب، وهو غير واجب، لأن الاكتساب محقق لشرط الوجوب وهو الاستطاعة، فلا يجب تحصيله (5)، وقد تقدم بيانه.
هذا إذا كانت الهبة مطلقة، وأما إذا كانت مقيدة بصرفها في الحج، بأن وهب له مال ليحج به، فقد صرح جملة من الفقهاء بوجوب القبول في هذه الصورة ولم يفرقوا بين البذل والهبة للحج، وقال الشهيد الأول - معلقا على القول بعدم وجوب القبول -: " وفي الفرق نظر " (6).
وممن صرح أو يظهر منه عدم الفرق: المحقق