رابعا - لا تمانع بين الأسباب الشرعية:
لا مانع من اجتماع سببين شرعيين أو أكثر على مسبب واحد، بناء على جميع الأقوال في تفسير السببية الشرعية، إلا على القول الأول الذي جعل السببية الشرعية كالعقلية من جميع الجهات، ولما كانت الأسباب العقلية لا تجتمع على مسبب واحد فالأسباب الشرعية كذلك، فلذلك استنبط العلامة القول بعدم تداخل الأسباب على هذا المبنى الذي اختاره. أما على سائر الأقوال فلا تمانع بينها وإن ذهب قسم من المحققين إلى أن الأصل عدم التداخل حتى يثبت بدليل (1)، فإن هذا يثبت عدم التمانع أيضا، لأنه لو كان تمانع لما أمكن الاجتماع مطلقا.
وسوف يأتي توضيح ذلك في عنوان " تداخل " فراجع.
خامسا - لا تتوقف سببية الأسباب الشرعية على العلم بسببيتها:
تشترك الأسباب الشرعية مع العقلية في أن تأثيرها لا يتوقف على العلم بسببيتها، فهي تؤثر مع الجهل بالسببية أيضا، قال صاحب الجواهر في رد الاستدلال على وجوب نية " الاستباحة " أو " رفع الحدث " في الوضوء ونحوه: "... لأن كون الوضوء مشروعا لذلك لا يقضي بوجوب نيته وقصده، بل لو كان جاهلا بما شرع له لم يؤثر في وضوئه فسادا، فلو فرض شخص لم يعرف تسبيب الأحداث لهذه الأفعال ومانعيتها للصلاة بدون فعل الوضوء، لكن علم أن هذه الأفعال مطلوبة للشارع فجاء بها بعنوان الإطاعة، إما على وجه الوجوب أو الندب، كان وضوءه صحيحا، وارتفعت مانعيتها، لما يظهر من الأدلة أنها سبب رافع له، ومن المعلوم أن السبب لشئ غير موقوف تأثيره على العلم بسببيته، إذ الأسباب الشرعية كالأسباب العقلية لا تتوقف على ذلك، فمن ادعى أن قصد ذلك من تمام السببية شرعا كان عليه الدليل، بل هو خلاف ظاهر الأدلة من الكتاب والسنة... " (1).
سادسا - لا يصح التعليق في الأسباب الشرعية:
تشترك الأسباب الشرعية مع العقلية في أنها لا تؤثر مع التعليق، إلا ما دل الدليل على خروجه من القاعدة، ولهم بحوث كثيرة في مسألة التعليق في العقود والإيقاعات سوف تأتي في مواطنها إن شاء الله تعالى (2).
كانت هذه أهم الخصائص المشتركة، وهناك خصائص أخرى ذكرت في مطاوي كلمات الفقهاء نذكرها مع نسبتها إلى أصحابها: