وقوله تعالى (1): " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " فإن المعنى افعلوا ذلك على رجاء الفلاح، وقوله تعالى (2): " ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم " وفيه ما لا يخفى، بل الاجماع على خلافه، إذ هو مؤد إلى فساد عبادة الأولياء الذين لا يخطر ببالهم ذلك، فتأمل.
(وهل يجب) مع نية الوجوب أو الندب أو مع نية القربة (نية رفع الحدث) عينا، أو مخيرا بينه وبين الاستباحة (أو) نية (استباحة شئ مما يشترط فيه الطهارة) كذلك أي عينا أو تخييرا، أو يجبان معا، أو لا يجب شئ منهما؟ أقوال (الأظهر) منها (أنه لا يجب) شئ من ذلك، للأصل وخلو الأدلة عن التعرض بشئ منها كتابا وسنة مع عموم البلوى بالوضوء، ولما تسمعه من ضعف أدلة الموجبين، بل يظهر لك من ذلك ما يفيد المطلوب قوة، ويحتج للأول وهو وجوب نية رفع الحدث كما يقضي به الاقتصار عليه في عمل يوم وليلة على ما نقل عنه بأنه إنما شرع لذلك، فإن لم يقصد لم يقصد الوضوء على الوجه المأمور به الذي شرع له، ولاشتراك الوضوء بينه وبين غير الرافع، فوجب تمييزه بذلك، وبأنه إن لم ينو لم يقع، لما دل (3) على أن " لكل امرئ ما نوى وإنما الأعمال بالنيات " ولبعض ما تقدم في نية الوجه.
وضعف الجميع واضح، لأن كون الوضوء مشروعا لذلك لا يقضي بوجوب نيته وقصده، بل لو كان جاهلا بما شرع له لم يؤثر في وضوئه فسادا فلو فرض شخص لم يعرف تسبيب الأحداث لهذه الأفعال ومانعيتها للصلاة بدون فعل الوضوء لكن علم أن هذه الأفعال مطلوبة للشارع فجاء بها بعنوان الإطاعة إما على وجه الوجوب أو الندب كان وضوؤه صحيحا وارتفعت مانعيتها، لما يظهر من الأدلة أنها سبب رافع له، ومن