فحمل الأولى على أن أداء الرائج من باب أداء قيمة المضمون (1)، ولكن هذا أيضا بلا شاهد كما ترى.
وجمع المرحوم النائيني (رحمه الله) بينهما بأن الدراهم الأولى مطلقا من حيث ضم تفاوت السكة وعدمه إليها، وقوله (عليه السلام): لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس مقيد له، أي تأخذ الدراهم الأولى بقيمة ما ينفق. وذكر في الحاشية: أنه لا يخفى أن هذا خلاف ظاهر قوله (عليه السلام): لك أن تأخذ، فإن ظاهره استحقاقه لأخذ عين الدرهم الرائج، فالطائفتان متباينتان، فإما يطرحان، ويرجع إلى القواعد المقتضية لضمان نقص السكة، وإما يطرح خصوص ما دل على استحقاقه للرائج - كما اختاره العلامة وصاحب الحدائق - إما لضعف سنده أو لحمله على التقية، وحيث إن المسألة مشكلة فالاحتياط بالصلح طريق للتخلص (2). انتهى.
وفيه: أنه أما ضعف السند فليس في الرواية إلا محمد بن عيسى، وهو وإن ضعفه ابن الوليد، إلا أن النجاشي وثقه صريحا (3)، مع أن تضعيف ابن الوليد ليس من جهة عدم وثاقته، بل لصغر سنه على أن الرجل وارد في سند كلتا الطائفتين.
وأما الجمع أو الطرح فلا تصل النوبة إليهما، فإن الروايتين غير متعارضتين بوجه، فإن مورد السؤال في الرواية الأولى سقوط النقد عن الرواج بالكلية، وفي الثانية سقوطه عنه في الجملة، بحيث يقبل بوضيعة ولزوم أداء الرائج في الأول وأداء الأولى في الثاني موافق للقاعدة والرواية، فلا حاجة إلى الجمع أصلا.
وهنا رواية ثالثة توهم معارضتها للرواية الأولى: وهي مضمرة معاوية بن سعيد: استقرض دراهم، وسقطت تلك الدراهم، أو تغيرت، فقال (عليه السلام): لصاحب