أمرين:
1 - إما إلى أن الحجة في معرفة النقاء الواقعي هي خصوص الاستبراء، لا انقطاع الدم.
2 - وإما إلى عدم جواز الاعتماد على بقاء الحيض على الأصل - أي: الاستصحاب - ولا على عدم بقاء الدم بمجرد الانقطاع، فلا يجوز البناء على بقاء الحيض - استنادا إلى استصحاب بقاء الدم - ولا على عدمه - استنادا إلى ظاهر الانقطاع - فيكون وجوب الاستبراء نظير وجوب الفحص في الشبهات الحكمية.
ثم نسب هذا التفسير للوجوب إلى الأصحاب (1)، وهو يخالف ما نسبه إليهم السيد الخوئي وصاحب الجواهر من القول بالوجوب الشرطي.
وأما السيد الخوئي فحاصل ما أفاده هو:
أن المرأة تعلم بأن عليها تكاليف إلزامية، وتعلم إجمالا أن هذه التكاليف الإلزامية إما مترتبة على الحيض، كوجوب ترك العبادات وحرمة الوطء ء، وإما مترتبة على الطهر، كوجوب العبادات ووجوب التمكين عند مطالبة الزوج، فلا بد من تعيين حالتها كي تتخلص من التكاليف الإلزامية التي كلفت بها، وحكم العقل بلزوم التخلص من التكليف الإلزامي في موارد العلم الإجمالي أمر واضح.
وطرق التخلص تنحصر في ثلاثة:
الأول - استصحاب بقاء الدم (الحيض):
وتترتب عليه الأحكام الإلزامية المترتبة على الحائض.
لكن قد تقدم أن هذا الطريق وإن كان في حد ذاته ممكنا إلا أنه مرفوض، لعدم أمر الإمام (عليه السلام) به، وإرشاده إلى طريق آخر.
الثاني - الاحتياط: بمعنى أن تغتسل وتأتي بما عليها من العبادات الواجبة على الطاهر، وتترك الأمور المحرمة على الحائض، كالوطء ودخول المسجد ونحو ذلك.
لكن هذا الطريق إنما يتم في موردين:
1 - أن لا تكون الحرمة في عبادات الحائض حرمة ذاتية، لأنه لو كانت العبادة محرمة ذاتا على الحائض لما أمكن لها قصد القربة، ولو على فرض احتمال مصادفة كونها طاهرا واقعا، لأن مجرد احتمال كون العبادة محرمة ذاتا - بسبب احتمال كونها حائضا واقعا - يمنع من قصد التقرب بها.
2 - أن لا يكون المورد مثل الوطء ء، فإنه يدور الأمر فيه بين المحذورين، لأنه لو طلب الزوج منها التمكين فيجب عليها الإجابة على فرض كونها طاهرا، ويحرم عليها ذلك على فرض كونها حائضا، وهذا لا يمكن الاحتياط فيه، لدوران الأمر فيه بين المحذورين كما تقدم.
الثالث - الاستبراء: وهو الطريق المأمور به في الروايات، ولم تترتب عليه المحاذير المتقدمة.