ولذلك فالقول بوجوب الاستبراء هو المشهور بين الفقهاء، وإن عبر عنه الشيخ الطوسي - في الاقتصاد (1) - ب " ينبغي " المشعر بالاستحباب، ونفى عنه الشيخ الأنصاري الوجوب لولا فتوى الأصحاب بذلك، حيث قال (قدس سره): " والإنصاف أنه لولا فتوى الأصحاب بالوجوب كانت استفادته من هذه الأخبار مشكلة " (2).
وهل هذا الوجوب نفسي، أو شرطي، أو إرشادي؟ فيه احتمالات:
1 - الوجوب النفسي:
بمعنى أن يكون استبراء الرحم عند انقطاع الدم ظاهرا واجبا في حد نفسه، لكن استبعد السيد الخوئي أن يكون مراد القائلين بالوجوب هذا النحو منه، قال: " إن القائل بالوجوب النفسي في الاستبراء صريحا غير معلوم، فمراد القائل بالوجوب إنما هو الوجوب الشرطي " (3).
نعم ظاهر عبارة الشيخ الأنصاري المتقدمة نسبة الوجوب النفسي إليهم.
2 - الوجوب الشرطي:
بمعنى أن الاستبراء شرط لصحة الغسل، تحصيلا للجزم ببراءة الرحم تعبدا (4)، فلو اغتسلت الحائض من دون استبراء بطل غسلها.
وقد تقدم أنه نسب هذا القول إلى القائلين بالوجوب، كما أن صاحب الجواهر استظهره من عبارات الأصحاب وقواه (1)، وجعله الشيخ الأنصاري محتملا (2).
3 - الوجوب المقدمي:
بمعنى أن الاستبراء مقدمة للعبادة المشروطة بالطهارة، قال الشيخ الأنصاري: " ثم وجوب الاستبراء إنما هو من باب المقدمة للعبادة المشروطة بالطهارة، فلا تجب إلا بوجوبها، وليس شرطا في صحة الغسل إلا لأجل أن الأمر بالغسل إنما يتوجه على الطاهر من الحيض، ويتوقف معرفة كون المرأة كذلك على الاستبراء " (3).
4 - الوجوب الإرشادي:
بمعنى أن العقل يحكم بلزوم الاستبراء، والروايات الآمرة به إنما هي إرشاد إلى حكم العقل.
ويظهر من السيدين الحكيم والخوئي اختيار هذا الرأي، إلا أن لكل منهما توجيها يختص به، واحتمله الشيخ الأنصاري (4).
أما السيد الحكيم فخلاصة ما أفاده هو:
أن ما ورد في الروايات إرشاد إلى أحد