الله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجلها وبينها أئمتنا الطاهرون من بعده، فكان - رضوان الله عليه - منطلقا في حركته الدينية العالمية من إيمانه بالواجب الشرعي الإلهي الملقى على عاتق كل مسلم وعلى عاتق الفقيه بالخصوص، وهو الفقيه الزاهد الذي شهد بزهده العدو قبل الصديق، وهو من أركان العرفان وأهل اليقين الذين هانت لديهم الدنيا الزائفة بكل مباهجها وزخارفها، حتى استوى لديه التبر والتراب، وهو الذي كان كل همه أداء مسؤوليته الإلهية وإسعاد أمته الإسلامية من خلال الفقه ومسائله التي استنبطها من القرآن العظيم والسنة المطهرة وهو المجتهد الأكبر الذي غاص في بحر الفقه الإسلامي مستنبطا كنوزه الغالية التي فيها سعادة الدنيا والآخرة للناس أجمعين.
أقول: ما أبعد هذه النظرة الواقعية الشاملة والفهم العميق للإسلام الحنيف عن التفسير الخاطئ الذي تروق نسبته إلى الإسلام من قبل المخالفين لخط الإمام الناصع، ممن نفوا الدور القيادي للفقيه في زمان الغيبة الكبرى، وحصروا دوره بالفتيا ومسائل الحلال والحرام المعهودة، وبهذا يخلو كرسي الزعامة من الحاكم الفقيه، ويتسنم عرشه الشيطان الأكبر وأذنابه وعملاؤه، لينهبوا ثروات البلاد الإسلامية وخيراتها، ويتحكموا في دماء المستضعفين ومصائرهم.
وقد وقف إمامنا الراحل طاب ثراه بوجه أصحاب هذه الأفكار الخاطئة، وأثبت بطلانها من خلال أقواله وأفعاله وأبحاثه وخطبه، وحذر الناس من هذا الاتجاه الخطير على مصير الإسلام والمسلمين.
وتعد بحوث الإمام الخميني (رحمه الله) التي دونها الأعلام المحققون من تلامذته شروحا وافية لبيان آرائه وأفكاره، لذا أولت المؤسسة هذه التقريرات أهمية خاصة، كي لا يلتبس الأمر في فهم هذه التحقيقات الرائعة.
والكتاب الذي بين يديك واحد من سلسلة واسعة لتقريرات أبحاث إمامنا