وإن خلف قدر ما يحج به عنه، أو أقل من ذلك ولم يكن قد وجب عليه الحج قبل ذلك واستقر في ذمته، كان ميراثا لورثته، فهذا معنى قولنا وجبت الحجة واستقرت، ووجبت وما استقرت، لأن من تمكن من الاستطاعة، وخرج للأداء، من غير تفريط، ولا توان، بل في سنة تمكنه من الاستطاعة، خرج ومات قبل تفريطه، فلا يجب أن يخرج من تركته ما يحج به عنه، لأن الحجة ما استقرت في ذمته، فأما إذا فرط فيها، ولم يخرج تلك السنة، وكان متمكنا من الخروج، ثم مات، يجب أن يخرج ما تركته ما يحج به عنه من بلده، قبل قسمة الميراث.
ومن لم يملك الاستطاعة، وكان له ولد، له مال، وجب عليه أن يأخذ من ماله، قدر ما يحج به على الاقتصاد، ويحج، ذكر هذا شيخنا أبو جعفر في نهايته (1) ورجع عنه في استبصاره (2) ورجوعه عنه هو الصحيح، وإنما أورده إيرادا في نهايته، لا اعتقادا، ثم قال في النهاية: فإن لم يكن له ولد، وعرض عليه بعض إخوانه، ما يحتاج إليه من مؤونة الطريق، وجب عليه الحج أيضا، وقال: ومن ليس معه مال، وحج به بعض إخوانه، فقد أجزأه ذلك عن حجة الإسلام، وإن أبسر بعد ذلك (3).
قال محمد بن إدريس: والذي عندي في ذلك، أن من يعرض عليه بعض إخوانه، ما يحتاج إليه من مؤونة الطريق فحسب، لا يجب عليه الحج، إذا كان له عائلة تجب عليه نفقتهم، ولم يكن له ما يخلفه نفقة بهم، بل هذا يصح فيمن لا يجب عليه نفقة غيره، بشرط أن يملكه ما يبذل له، ويعرض عليه، لا وعدا بالقول دون الفعال، وكذا أقول فيمن حج به بعض إخوانه، بشرط أن يخلف لمن تجب عليه نفقته، إن كان ممن تجب عليه نفقته وفي المسألتين معا، ما راعى شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته، الرجوع إلى كفاية، إما من المال، أو الصناعة،