هزم الناس يوم الجمل قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تتبعوا موليا، ولا تجيزوا على جريح، ومن أغلق بابه فهو آمن، فلما كان يوم صفين قتل المقبل والمدبر، وأجاز على الجريح.
فقال أبان بن تغلب لعبد الله بن شريك: هذه سيرتان مختلفتان؟ فقال: إن أهل الجمل قتل طلحة والزبير، وإن معاوية كان قائما بعينه وكان قائدهم " (1).
وهناك روايات أخرى بهذا المضمون.
وفي الحالتين: إذا وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل، فلا يخلو: إما أن يكون من أهل القتال أو لا:
1 - فإن كان من أهل القتال، وهو الشاب الجلد الذي يقاتل، تعرض عليه المبايعة، فإن بايع على الطاعة والحرب قائمة، قبل ذلك منه وأطلق، وإن لم يبايع ترك في الحبس حتى تنقضي الحرب.
فإذا انقضت الحرب، ففيه حالتان:
أ - فإن أتى الذين كان يقاتل هذا الأسير معهم تائبين، أو طرحوا السلاح وتركوا القتال، أو ولوا مدبرين إلى غير فئة، أطلق سراحه.
ب - وإن ولوا مدبرين إلى فئة لا يطلق سراحه، بل يبقى في السجن، وقد ادعى بعض الفقهاء الإجماع على ذلك (1).
2 - وإن كان الأسير من غير أهل القتال:
كالنساء والصبيان والمراهقين والعبيد ونحوهم، فيرى بعض الفقهاء - كالشيخ (2) -: أن حكمهم السجن أيضا حتى تنتهي الحرب فيطلق سراحهم، ويرى بعض آخر - كالعلامة (3) والشهيد الأول (4) - أنهم لا يحبسون، واختاره الشيخ في الخلاف (5).
ولا يجوز سبي ذراري الفريقين من أهل البغي، ولا تملك نساؤهم، بلا خلاف بين الأمة - كما قاله العلامة في التذكرة (6) - وإجماعا كما صرح به آخرون (7).
ونقل في المختلف عن بعض الشيعة - ولم يسمهم -: أن الإمام بالخيار إن شاء أسرهم وإن شاء من عليهم فلم يأسرهم، وما كان من علي (عليه السلام) يوم البصرة إنما كان منا منه، كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأهل مكة (8).