والثاني: لا يجوز، لأن ابتداء الإحرام متلبس بإحرام، ولذلك لو ارتكب محظورا، لم يلزمه إلا فدية واحدة، فلو انعقد الحج وابتداء الإحرام سابق على الأشهر، لانعقد الإحرام بالحج قبل أشهره، فعلى هذا لا يجوز أن يجعله حجا.
وإن كان إحرامه في أشهر الحج، فإن لم يشرع بعد في الطواف، جاز، وصار قارنا، لقضية عائشة لما حاضت وخافت فوت الحج، فأمرها النبي عليه السلام بإدخال الحج على العمرة لتصير قارنة لتأتي بأعمال الحج، وتؤخر الطواف إلى أن تطهر.
وإن شرع فيه أو أتمه، لم يجز إدخال العمرة عليه، لأنه أتى بعمل من أعمال العمرة، فيقع ذلك العمل عن العمرة، ولا ينصرف بعدها إلى غيرها.
ولأنه أخذ في التحلل من العمرة، فلا يليق به إدخال إحرام عليه، والمتحلل جار إلى نقصان (1).
وشبهوه بما لو ارتدت الرجعية، فراجعها الزوج في العدة، فإنه لا يجوز، لأن الرجعة استباحة، فلا يليق بحال التي تجري إلى تحريم.
ولو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة، فقولان:
القديم - وبه قال أبو حنيفة - إنه يجوز كإدخال الحج على العمرة.
والجديد - وبه قال أحمد - المنع، لأن الحج أقوى من العمرة، لاختصاصه بالوقوف والرمي والمبيت، والضعيف لا يدخل على القوي وإن كان القوي قد يدخل على الضعيف، كما أن فراش النكاح يدخل على فراش ملك اليمين حتى لو نكح أخت أمة (2) حل له وطؤها، وفراش ملك اليمين لا يدخل على فراش النكاح حتى لو اشترى أخت منكوحة (3) لم يجز له وطؤها.