وقال الشافعي قولا آخر: إنه لا إطعام في الكفارة، وإنما ذكر في الآية ليعدل به الصيام، لأن من قدر على الإطعام قدر على الذبح، وهو مروي عن ابن عباس وعن أحمد (1) أيضا.
وهو خطأ لأن الله تعالى سمى الإطعام كفارة، ولو لم يجب إخراجه لم يكن كفارة وجعله طعاما للمساكين، وما لا يجوز صرفه إليهم لا يكون طعاما لهم.
ولأنه عطف الطعام على الهدي ثم عطف الصوم عليه، ولو لم تكن إحدى الخصال لم يجز ذلك فيه.
ونمنع أن من قدر على الطعام قدر على الهدي، إما لتعذر المذبوح أو لغلاء السعر أو لغيرهما.
مسألة 319: لو زادت قيمة الفداء على إطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع، لم يلزمه الزائد، وأجزأه إطعام الستين، ولو نقص عن إطعام الستين، لم يجب الإكمال، بل أجزأه وإن كان ناقصا.
وكذا لو زاد ثمن الطعام على صيام ستين يوما لكل يوم نصف صاع، لم يجب عليه صوم الزائد على الستين، ولو نقص، أجزأه الناقص، ولا يجب عليه إكمال الصوم.
والعامة لم يعتبروا ذلك، لأنها كفارة، فلا تزيد على إطعام ستين إلا على صيام ستين، لأنها أعلى مراتب الكفارات.
وقول الصادق عليه السلام في محرم قتل نعامة، قال: " عليه بدنة، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام ستين مسكينا لم يزد على طعام ستين مسكينا، وإن كانت قيمة البدنة أقل من طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة " (2).