حفص الكناسي أبا عبد الله عليه السلام - وأنا عنده - عن قول الله عز وجل:
﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا﴾ (1) ما يعني بذلك؟ قال:
" من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " (2) والمجنون غير صحيح، فلا يندرج تحت الخطاب.
إذا عرفت هذا، فلو حج حالة جنونه، لم يجزئه إجماعا.
ولو أحرم به الولي، صح إحرامه كالطفل، فإن عاد عقله قبل الوقوف بالمشعر الحرام فوقف به، أجزأه عن حجة الإسلام، وإن كان بعد الوقوف، لم يجزئه، ووجب عليه إعادة الحج مع إفاقته وكمال الشرائط.
ولو كان الجنون يعتوره أدوارا، فإن وسع الوقت في نوبة العقل لأداء الحج من بلده وإكماله وعوده، وجب عليه الحج، لأنه عاقل مكلف مستطيع، وإن قصر الوقت عن ذلك، سقط عنه الوجوب، وحكم المجنون حكم الصبي غير المميز في جميع ما تقدم.
ولو خرج الولي بالمجنون بعد ما استقر فرض الحج عليه وأنفق عليه من ماله، فإن لم يفق حتى فات الوقوف غرم له الولي زيادة نفقة السفر، وإن أفاق وأحرم وحج، فلا غرم عليه، لأنه قضى ما وجب عليه.
وشرطت الشافعية إفاقته عند الإحرام والوقوف والطواف والسعي (3)، ولم يتعرضوا لحالة الحلق، وقياس كونه منسكا عندهم اشتراط الإفاقة كسائر الأركان (4).
وحكم المغمى عليه حكم المجنون لا يجب عليه الحج، ولا يحرم عنه غيره على إشكال - وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد (5) - لأنه ليس أهلا