إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور، وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور. اللهم إن كان أمري هذا قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه، وحفت بالكرامة أيامه ولياليه، فخر لي اللهم فيه خيرة ترد شموسه ذلولا وتقعص أيامه سرورا، يا الله، إما أمر فأتمر، وإما نهي فأنتهي.
اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية "، ثلاث مرات. ثم يأخذ كفا من الحصى أو سبحة.
ثم قال: ولعل المراد بأخذ الحصى والسبحة أن يكون قد قصد بقلبه إن خرج عدد الحصى والسبحة فردا، كان (افعل)، وإن خرج زوجا، كان (لا تفعل) " (1).
قال الشهيد - بعد ذكر ذلك -: " لم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الآوي الحسيني، المجاور بالمشهد المقدس الغروي " (2).
وهناك أنواع أخرى للاستخارة يرجع فيها إلى المطولات، والمتداول - أكثر من غيره - في زماننا هو الاستخارة بالمصحف أو السبحة مع قراءة سورة قصيرة، كالحمد ودعاء مختصر مثل " أستخير الله برحمته خيرة في عافية " ونحوها، والصلاة على النبي وآله.
هذا، وقد نفى ابن إدريس الاستخارة بغير الصلاة والدعاء بشدة، فقال: " فأما الرقاع والبنادق والقرعة فمن أضعف أخبار الآحاد وشواذ الأخبار " (1).
وتبعه المحقق في المعتبر (2).
لكن شدد من تأخر عنهما النكير عليهما في هذا الإنكار، وخاصة على ابن إدريس (3).
أقول: ذكر العلماء والصلحاء أسرارا عجيبة للاستخارة كاد بعضها أن يكون نافذة إلى الغيب، وخاصة الاستخارة بالمصحف الشريف، وكأنه يتكلم مع المستخير ويفصح عن مراده وما يترتب على ما يهم به - فعلا أو تركا - من آثار (4).