موافقتهما له.
وبهذا المعنى أيضا تكون الاستدامة أمرا عدميا، وهو عدم حصول الغفلة بالمرة.
الثالث - ما ذكره الشهيد في الذكرى، وهو:
البقاء على حكم النية الأولى والعزم على مقتضاها.
وبناء على هذا التفسير تكون الاستدامة أمرا وجوديا، وهو: العزم على مقتضى النية الأولى.
وبنى ذلك على مسألة كلامية، وهي: أن الممكن هل يحتاج في بقائه إلى مؤثر أو لا؟ فعلى القول بالاحتياج فلا بد في بقاء النية من سبب وجودي وهو " العزم "، لأن العدمي لا يؤثر في البقاء، قال في الذكرى - في نية الصلاة -:
" ويجب استدامة النية، بمعنى البقاء على حكمها والعزم على مقتضاها، لأن الاستدامة فعلا مما يمتنع أو يعسر، فاكتفي بالحكم دفعا للحرج.
وفسر كثير من الأصحاب الاستمرار على النية بما قاله في المبسوط، وهو: أن لا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها، وكأنه بناء منهم على أن الباقي مستغن عن المؤثر " (1).
وقد انتقده بعض من تأخر عنه، قال المحقق الثاني: " والبناء المذكور مع بعده غير مستقيم في نفسه " (2). وقال صاحب المدارك: " وفيه نظر من وجوه "، ثم ذكر وجوها ثلاثة:
الأول - أن ما قاله هو عين الاستدامة الفعلية التي نفاها أولا.
الثاني - أن مقتضى ذلك بطلان عبادة الذاهل، وهو باطل قطعا.
الثالث - أن قياس العلل الشرعية على العقلية غير صحيح، لأن الأسباب الشرعية معرفات وعلامات، لا علل حقيقية (1).
وللفقهاء كلام في الأسباب الشرعية، يراجع فيه عنوان: " أسباب ".
ولعله لما يرد عليه عدل الشهيد نفسه في نية الصلاة في الذكرى نفسها، حيث قال: " يجب استدامة حكم النية إلى آخر الصلاة إجماعا، ولا يجب استحضاره الفعلي، لعسره، بل ولا يستحب لتحقق انعقاد الصلاة، ومعنى الحكم: أن لا ينوي المنافي في باقي الصلاة " (2).
هذا، وقد حاول الشيخ الأنصاري أن يجمع بين كلام المشهور وكلام الشهيد، وحمله على أنه: إذا توجه ذهن المكلف إلى الفعل وذكره أثناء الاشتغال به فيجب عليه أن يبقى على حكم النية الأولى ويعزم على مقتضاها. وهذا لا ينفك عما قاله المشهور من عدم نية الخلاف (3).