فسادهم، وبعدمها فيما إذا لم تكن لهم فئة، لحصول الغرض فيهم من تفريق كلمتهم وتبدد شملهم. وهذا هو الذي أعتمده.
إذا عرفت هذا، فإنه لا يجوز سبي ذراري الفريقين من أهل البغي ولا تملك نسائهم بلا خلاف بين الأمة في ذلك.
ولا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي ولا بسلاحهم بحال، إلا في حال الضرورة، كما لو خاف بعض أهل العدل على نفسه، وذهب سلاحه، فإنه يجوز أن يدفع عن نفسه بسلاحهم. وكذا يركب دوابهم مع الحاجة، وهذا في الموضع الذي منعنا من قسمة أموالهم فيه، أما في غيره فالجواز أظهر.
مسألة 252: لو غلب أهل البغي على بلد فأخذوا الصدقات والجزية والخراج، لم يقع ذلك موقعه، لكن للإمام أن يجيز ذلك، لأنهم أخذوه ظلما وعدوانا، فلا يتعين في إبراء ذمتهم، كما لو غصبوهم مالا غير الجزية والصدقات.
وقال الشافعي وأبو ثور من أصحاب الرأي (1): يقع ذلك موقعه، فإذا ظهر أهل العدل بعد ذلك عليه، لم يكن لهم مطالبتهم بإعادة ذلك، لأن عليا (عليه السلام) لما ظهر على البصرة، لم يطالب بشئ مما جبوه (2).
ولا حجة فيه، لما بينا من أن للإمام إجازة ذلك، للمشقة الحاصلة من تكليف إعادة ذلك من الناس خصوصا إذا أقاموا في البلد سنين متطاولة.