ولو بعث سريتين وهو مقيم ببلد أو بعث جيشين، فكل واحد منهما مختص بما غنمه، لأن كل سرية انفردت بالغزو والغنيمة، بخلاف ما لو بعث بالسريتين (1) من الجيش الواحد، لأنه ردء لكل واحدة منهما. ولو اجتمعت السريتان فغنمتا، كانتا جيشا واحدا.
ولو بعث لمصلحة الجيش رسولا أو دليلا أو طليعة أو جاسوسا فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثم رجع إليهم، فالذي يقتضيه مذهبنا أنه يسهم له، لأن القتال ليس شرطا - وهو أحد وجهي الشافعية (2) (3) - لأنه كان في مصلحتهم، وخاطر بنفسه بما هو أكثر من الثبات في الصف، فشارك.
والثاني: لا يسهم له، لأنه لم يحضر الاغتنام (4).
ولو غنم أهل الكتاب، نظر، فإن كان الإمام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب، فالحكم على ما شرطه، وإن لم يأذن، فغنيمتهم للإمام، عندنا.
وقال الشافعي: ينزعه (5) منهم ويرضخ لهم. وله قول آخر: إنه يقرهم عليه، كما لو غلب بعض المشركين على بعض (6).
قال ابن الجنيد: إذا وقع النفير فخرج أهل المدينة متقاطرون فانهزم العدو وغنم أوائل المسلمين، كان كل من خرج أو تهيأ للخروج وأقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة العدو شركاء في الغنيمة.