ولو انعقد فاسدا، لم يجب الوفاء به إجماعا، كأمان الصبي والمجنون، وكما إذا تضمن الذمام شرطا لا يسوغ الوفاء به.
وفي هذه الحالات كلها يجب رد الحربي إلى مأمنه، ولا يجوز قتله، لأنه اعتقد صحة الأمان، وهو معذور، لعدم علمه بأحكام الإسلام.
وكذا كل حربي دخل دار الإسلام بشبهة الأمان، كمن سمع لفظا فاعتقده أمانا، أو صحب رفقة فتوهمها أمانا، أو طلبوا أمانا فقال المسلمون: لا نذمكم، فاعتقدوا أنهم أذموهم، فلا يجوز قتلهم، بل يردون إلى مأمنهم، لقول الصادق و (1) الكاظم (عليهما السلام): " لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان، فقالوا: لا، فظنوا أنهم قالوا: نعم، فنزلوا إليهم، كانوا آمنين " (2).
البحث الثالث: فيما ينعقد به الأمان.
مسألة 49: الأمان ينعقد بالعبارة والمراسلة والإشارة المفهمة والمكاتبة.
وقد ورد في الشرع للعبارة صيغتان: أجرتك، وأمنتك.
قال الله تعالى: * (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره) * (3).
وقال النبي (صلى الله عليه وآله): " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن " (4).