البحث السادس: في الأحكام.
مسألة 62: قد بينا أن من عقد أمانا لكافر، وجب عليه الوفاء به، ولا يجوز له الغدر، فإن نقضه، كان غادرا آثما، ويجب على الإمام منعه عن النقض إن عرف بالأمان.
إذا عرفت هذا، فلو عقد لحربي (1) الأمان ليسكن دار الإسلام، وجب الوفاء له، ودخل ماله تبعا له في الأمان وإن لم يذكره، لأن الأمان يقتضي الكف عنه، وأخذ ماله يوجب دخول الضرر عليه، فيكون نقضا للأمان، وهو حرام. ولو شرط الأمان لماله، كان ذلك تأكيدا.
ولو دخل الحربي دار الإسلام بغير أمان ومعه متاع، فهو حرب لا أمان له في نفسه ولا في ماله، إلا أن يعتقد أن دخوله بمتاعه على سبيل التجارة أمان له، فإنه لا يكون أمانا، ويرد إلى مأمنه.
ولو ركب المسلمون في البحر فاستقبلهم فيه تجار كفار من أرض العدو يريدون بلاد الإسلام، قال بعض العامة: لم يقاتلوا ولم يعرضوا (2). وفيه نظر.
مسألة 63: لو دخل الحربي دار الإسلام بتجارة معتقدا أنه أمان، فهو آمن حتى يرجع إلى مأمنه، ويعامل بالبيع والشراء، ولا يسأل عن شئ، وإن لم تكن معه تجارة وقال: جئت مستأمنا، لم يقبل منه، ويكون الإمام مخيرا فيه. وبه قال الأوزاعي والشافعي (3).
ولو كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا، كان فيئا.
وقيل: يكون لآخذه (4).
ولو دخل دار الإسلام بأمان، دخل أمان ماله، فلو عاد إلى دار الحرب