بلزوم الترخيص في المعصية، وثانيا بلزوم التناقض بين الحكم الظاهري الناظر إلى الواقع مع العلم الوجداني. ثم قال ما حاصله:
إنه لو قامت أمارة في كل من الأطراف على خلاف المعلوم بالإجمال - كما إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين وقامت البينة على طهارة أحدهما المعين، وأخرى على طهارة الآخر - فلا ريب في عدم حجية شئ من الأمارتين، لأن كلا منهما يدل على طهارة الإناء الذي دل على طهارته بالمنطوق، كما يدل على نجاسة الإناء الآخر بالمفهوم، فينتهي ذلك إلى تعارضهما ثم تساقطهما، كما هو الأصل في باب التعارض.
هذا بالنسبة إلى الأمارات، وأما بالنسبة إلى الأصول فملخص ما أفاده هو:
أنه لا مانع من جريانها لو لم يستلزم مخالفة قطعية، وأما لو استلزم فلا، لقبحه كما تقدم، والفارق بين الأمارات والأصول هو: أن لوازم الأمارات حجة دون لوازم الأصول، فلازم الأمارة القائمة على طهارة أحد الإناءين نجاسة الآخر، وكذا العكس، فيحصل التعارض، بخلاف الأصول فإن لوازمها لا يعتنى بها، فلذلك لا يلزم من جريانها تعارض، فيبقى المانع عن جريانها هو لزوم المخالفة القطعية وعدمه (1).
ثامنا - السيد الصدر:
يرى السيد الصدر أنه لا مانع - من الناحية الثبوتية - من جريان الأصول المرخصة في أطراف العلم الإجمالي وذلك لعاملين:
الأول - أن حكم العقل بوجوب الإطاعة وقبح المعصية حكم تعليقي مشروط بعدم الترخيص الشرعي والإذن من قبل المولى في المخالفة، لأن هذا الحكم من أجل المولى وليس عليه.
الثاني - إن مرتبة الحكم الظاهري في تمام الأطراف محفوظة بناء على تفسيره للحكم الظاهري وكيفية الجمع بينه وبين الحكم الواقعي، وبأنه إعمال الشارع قوانين التزاحم بين أغراضه وتقديم الأهم منها على غيرها في موارد الاشتباه والتردد التي منها العلم الإجمالي، فإذا كان الغرض الإلزامي المعلوم بالإجمال المشتبه بين