لذلك بوجوه:
1 - إن موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان - الذي هو مفاد البراءة - إنما هو عدم البيان، فما لم يحرز ذلك بالفحص لا يستقل العقل بقبح العقاب، إذ ليس المراد من البيان إيصال التكليف إلى العبد قهرا، بل المراد منه بيانه على الوجه المتعارف، فلو كان التكليف مبينا من قبل المولى ولم يفحص عنه العبد لصح العقاب على مخالفته، ولا يكون عقابه عقابا بلا بيان (1).
2 - إن كل من التفت إلى المبدأ والشريعة يعلم إجمالا بثبوت أحكام فيها، ومقتضى العلم الإجمالي هو الفحص عن تلك الأدلة (2).
وعلى التقرير الثاني يدخل الاحتياط في الشبهات البدوية قبل الفحص في العلم الإجمالي الذي سيأتي البحث عنه في القريب.
هذا، وقد جرت - هنا - بعض المناقشات يرجع فيها إلى المطولات، كما أن البحث عن حدود الفحص وما يترتب عليه يرجع فيه إلى عنوان " براءة ".
المورد الثاني - العلم التفصيلي بالتكليف والشك في الخروج عن عهدته.
وذلك كالمكلف بالصلاة إذا شك بعد إتيانها بأنها كانت مقرونة بالطهارة أو لا؟ فالعقل يحكم بلزوم إتيانها مرة ثانية - مع الطهارة - ليحصل له العلم بالفراغ اليقيني بعد اشتغال ذمته بالصلاة مع الطهارة يقينا.
وهذا أظهر موارد الاحتياط، والشبهة فيه من الشبهة الموضوعية لا الحكمية، فإن الشك لم يكن في أصل الحكم، وإنما هو في تحقق مصداقه في الخارج، كما هو واضح.
المورد الثالث - العلم الإجمالي بالتكليف الإلزامي.
المورد الثالث الذي يحكم العقل بوجوب الاحتياط فيه هو العلم الإجمالي بوجود تكليف إلزامي لا يمكن التخلص