2 - ومن نماذج التسبيب المعروفة حفر البئر في ملك الغير أو الطريق، فإنه لو وقع فيه شخص فعطب يكون ضامنا، ومثله جعل المعاثر في الطريق العام.
وقد ذكر هذان كمثالين للتسبيب في عبارات كثير من الفقهاء.
الثالث - اجتماع السبب والمباشر:
والنحو الثالث لتحقق الإتلاف هو:
اجتماع السبب والمباشر، فإنه ربما يجتمع سبب للإتلاف ومباشر له كما إذا حفر شخص بئرا ودفع آخر ثالثا فيه فتلف، فيكون السبب للإتلاف هو الحافر للبئر والمباشر له هو الدافع.
والمتحصل من مجموع كلمات الفقهاء هو: أن الجناية والتلف تنسب إلى الأقوى من حيث انتساب الفعل إليه، وهو المباشر غالبا إلا إذا كان ضعيفا - كما سيأتي - قال المحقق:
" إذا اجتمع السبب والمباشر، قدم المباشر في الضمان على ذي السبب، كمن حفر بئرا في ملك غيره عدوانا، فدفع غيره فيها إنسانا، فضمان ما يجنيه الدفع على الدافع ".
وعلق عليه في الجواهر قائلا: " لما عرفته من تقديم المباشرة على التسبيب الذي لم أجد فيه خلافا بينهم، بل أرسلوه إرسال المسلمات في المقام وفي القصاص والديات، بل عن كشف اللثام: الإجماع عليه، بل في مجمع البرهان: " أن من المعلوم عقلا ونقلا اسناد الفعل إلى القريب دون البعيد الذي هو سبب السبب وله مدخلية ما في ذلك الشئ وهو ظاهر، وكأنه مجمع عليه " (1).
هذا وقد ذكر في القواعد الفقهية ضابطة أخرى لتقديم المباشر على السبب ويمكن أن تكون ضابطة للضابطة المتقدمة، قال: " إن المباشر إذا كان فاعلا مختارا عاقلا وكان ملتفتا إلى أن فعله هذا يترتب عليه التلف فلا شك في اختصاصه بكونه ضامنا في هذه الصورة وليس على ذي السبب ضمان أصلا، وأما لو لم يكن المباشر ذا إرادة وشعور فالضمان على ذي السبب، وذلك كمن أجج نارا في غير ملكه، والريح نشرت النار فأصابت مال غيره... " (2).
ثم رتب الضمان على المباشر حتى