التصدي لاستنباطها في كل عصر يؤدي إلى انحلالها واضمحلالها... " (1).
ثم بين وجه ذلك، لانحصار الطريق حينئذ في التقليد عن الأموات، وهو غير جائز ابتداء، والاحتياط وهو غير ممكن دائما.
ثانيا - الوجوب العيني: ذهب إليه بعض المتقدمين - كالحلبيين - والأخباريون.
قال الشيخ حسين الكركي - وهو من الأخباريين -: " اعلم: أن كل من سعى في تحصيل مسألة مما كلف به وفهمها كما يجب، وضبطها فقد اجتهد في تحصيلها، والسعي في تحصيل ما لا يعذر المكلف بجهله من العبادات الواجبة والحقوق اللازمة فرض عين لا يعذر أحد في تركه وليس له حد يقف عنده، بل كلما احتاج إلى حكم يجب عليه السؤال عنه، وهذا معنى قول أصحابنا الحلبيين: إن الاجتهاد واجب عيني، وبهذا فسر مذهبهم شيخنا البهائي، وذلك إنهم لم يكونوا يعملون إلا بالحديث، كما صرح به ابن زهرة في " الغنية "، فالعامي عندهم إذا سأل العالم عن مسألة شرعية فأجابه عنها بلفظ الحديث أو بمعناه، وفهمه العامي كما يجب فقد تساويا في علم تلك المسألة، لأن المسؤول ناقل لفتوى أهل البيت عليهم السلام والسائل يرويها عنه... " (1).
ثانيا - الحكم الوضعي:
تترتب على الاجتهاد أحكام وضعية متعددة أهمها:
أولا - حجية فتواه:
لا إشكال في حجية فتوى المجتهد - إجمالا - وتتضح حدود هذه الحجية في جواب الأسئلة التالية:
ألف - هل يجوز له الرجوع إلى الغير أو لا؟
المعروف بين الإمامية حرمة رجوع المجتهد إلى غيره في مقام الامتثال، ولا فرق - في ذلك - بين المجتهد المطلق والمتجزئ فيما اجتهد فيه، وذلك لأن مستند جواز التقليد هو لزوم رجوع الجاهل إلى العالم، ولم يصدق على المجتهد عنوان الجاهل حتى يجوز له الرجوع إلى