المفسدة الواقعية وفوات المصلحة النفس الأمرية، وحكم العقل برجحان الاحتياط وحسنه إنما يكون طريقا إلى ذلك، لا أنه نشأ عن مصلحة في نفس ترك ما يحتمل الحرمة وفعل ما يحتمل الوجوب، بحيث يكون ترك المحتمل وفعله بما أنه محتمل ذا مصلحة يحسن استيفاؤها عقلا " (1).
وأما عند غير هذين العلمين فالمعروف هو القول بالاستحباب الشرعي، قال صاحب الكفاية:
" الثاني - إنه لا شبهة في حسن الاحتياط شرعا وعقلا في الشبهة الوجوبية والتحريمية في العبادات وغيرها، كما لا ينبغي الارتياب في استحقاق الثواب فيما إذا احتاط وأتى أو ترك بداعي احتمال الأمر أو النهي " (2).
وهكذا أو قريب منه قال غيره ممن اختار القول باستحباب الاحتياط.
ثانيا - الاحتياط في العبادات:
بعد أن تبين حسن الاحتياط شرعا - بصورة عامة - يأتي دور البحث عن إمكان تحققه خارجا في العبادات، إذ هناك إشكال أورده الشيخ على الاحتياط في العبادات وحاصله:
إن العبادة لا بد فيها من نية التقرب وهي متوقفة على العلم بأمر الشارع تفصيلا أو إجمالا كما في كل من الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة، فإذا لم يكن أمر كذلك فلا يمكن قصد التقرب ولا يقع الفعل المأتي به عبادة (1).
وقد أجيب عن الإشكال بأنحاء مختلفة حتى قال المحقق النائيني - حسب ما ورد في التقريرات -: " لكن الإنصاف:
أنه ما كان ينبغي أن يجري هذا الإشكال على قلم الشيخ فضلا عن أن يختاره ويقويه " (2).
والجامع بين الأجوبة هو:
إن العلم الجزمي بالأمر - سواء كان تفصيلا أو إجمالا - وإتيان المأمور به بداعي ذلك الأمر ليس شرطا في عبادية العبادة، إذ يكفي في عبادية الشئ مجرد إضافته إلى المولى، ومن الواضح أن