يقبل، وما لم يقبل فالحق ثابت بحاله، وهو الذي يقوى في نفسي، لأن في إبرائه إياه من الحق الذي له عليه منة عليه ولا يجبر على قبول المنة... " إلى أن قال: " وقال قوم: إنه يصح شاء من عليه الحق أو أبى، لقوله تعالى: ﴿فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم﴾ (١) فاعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول، وقال تعالى: ﴿... أو دية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا﴾ (2) فأسقط الدية بمجرد التصدق ولم يعتبر القبول، والتصدق في هذا الموضع الإبراء، وهذا قوي " (3).
وقال الثاني: " إذا كان للإنسان في ذمة رجل مال فوهبه له كان ذلك إبراء بلفظ الهبة، وقال قوم: من شرط صحته قبوله وهذا حسن... " ثم ذكر مسألة المنة ثم قال: " وقال آخرون: إنه يصح شاء من عليه الحق أو أبى... " إلى أن قال: " وهذا أيضا قول قوي " (4) ولم يرجح أحد الطرفين كصاحبه.
الأحكام:
الأحكام المترتبة على الإبراء كثيرة وأهمها كالآتي:
أولا - الحكم التكليفي:
الأصل في الإبراء - من الناحية التكليفية - هو الجواز بمعناه الخاص أي الإباحة، فالإبراء بما هو، جائز إلا أن يطرأ عليه ما يغير حكمه إلى الاستحباب أو الكراهة أو الحرمة أو الوجوب، فمثلا أن إبراء المدين العاجز عن الدفع مستحب، لعمومات الإعانة على البر وإنظار المعسر مضافا إلى الأولوية، كما لا يبعد أن يكون إبراء الفقير للموسر الملي مع عدم المرجح ولزوم المشقة - غير المنتهية إلى الحرج - على عياله مرجوحا، كما أن إبراء من يصرف ماله في الحرام مع قصد المبرئ ذلك واشتراطه عليه حرام، والإبراء ممن التزم به في ضمن عقد لازم أو نذر يكون واجبا.
ثانيا - الحكم الوضعي:
وأما الأحكام الوضعية بالنسبة إلى الإبراء فسوف تتضح عند بيان أركان الإبراء ولواحقها على النحو التالي: