مقدمات الاجتهاد ومعداته:
الآن وبعد أن استعرضنا مختصرا من تاريخ الاجتهاد وتطوره، فلننظر ما هي المقدمات التي يتوقف عليها الاجتهاد؟
فنقول: إن الوصول إلى رتبة الاجتهاد يحتاج إلى مقدمات أهمها هي:
أولا - معرفة مبادئ اللغة العربية من النحو والصرف واللغة بالمقدار الذي يتوقف عليه فهم المعنى من الكتاب والسنة، وما زاد على ذلك فهو فضل.
ثانيا - معرفة المنطق بالمقدار الذي يتمكن معه من الاستدلال والنقض والإبرام.
ثالثا - معرفة علمي الرجال والدراية بمقدار يمكن معه تشخيص السند الصحيح - بمعناه العام - من الضعيف.
وهذا الشرط من الأمور التي حذفها الأخباريون من مقدمات الاجتهاد، لأنهم يعتمدون على المنقولات في الكتب الحديثية من دون تقسيمها إلى صحيح وموثق وحسن وضعيف و...
ويعتبرون هذه المصطلحات من مبتدعات المجتهدين.
قال بعضهم: " إعلم أن هذا العلم:
[أي علم الدراية] عندنا قليل الجدوى بعد ما ظهر لك ما بيناه من صحة أحاديثنا وبطلان العمل بالاصطلاح الجديد فيها، وأما غير ذلك من مقاصده فإنما هو كلام مزخرف نسبته إلى المحدث الماهر كنسبة العروض إلى الشاعر المستقيم الطبع في عدم احتياجه إليه " (1).
رابعا - معرفة علم الأصول بالمقدار الذي يتوقف عليه الاجتهاد.
وهذا الشرط كسابقه - أيضا - رفضه الأخباريون إلى حد ما، قال الشخص المتقدم:
" فاعلم أن علم الأصول ملفق من علوم عدة، ومسائل متفرقة بعضها حق وبعضها باطل، وضعه العامة لقلة السنن الدالة على الأحكام عندهم وبنوا عليه استنباط المسائل الشرعية النظرية، ولم يقع في علم من العلوم ما وقع فيه من الخبط والخلاف الذي أكثره أشبه شئ بالهذيان... " (2).
وعلى أي حال فإنهم يشتركون مع