الآخر؟
ولكن لما كان الثاني هو القدر المتيقن فيلتزم به ويحكم بخروج كل منهما مقيدا بعدم خروج الآخر.
وإما أن يكون لأجل اقتضاء المدلول (أي المنكشف) كما في موارد التزاحم بين الواجبين في مقام الامتثال لعدم القدرة على الجمع بينهما، فإذا فرض تساوي الصلاة المنذورة مع صلاة الآيات ولم يسع الوقت لإتيانهما معا، فيحكم العقل بالتخيير، أما دليل كل منهما - أي دليل وجوب الآيات ودليل ووجوب الصلاة المنذورة - مطلق غير مقيد بصورة إتيان الآخر أو عدمه.
وما نحن فيه ليس من قبيل الأول، لأن دليل اعتبار كل أصل من الأصول العملية إنما يقتضي جريانه عينا سواء عارضه أصل آخر أو لا.
ولا من قبيل الثاني، لأن المدلول - وهو المنكشف والمجعول - في باب الأصول ليس إلا الحكم بتطبيق العمل على مؤدى الأصل بشرط الجهل بالواقع وإمكان الحكم على مؤدى الأصل بأنه الواقع، وعدم لزوم المخالفة العملية، ولكن لما كان جريان الأصول في جميع الأطراف مستلزما للمخالفة العملية (القطعية) فلا يمكن جعل الأصول في جميع الأطراف ليحصل التزاحم ثم يحكم بالتخيير على أثره.
نعم يمكن أن يكون المجعول أحدها تخييرا، إلا أنه لا دليل على ذلك لا من ناحية أدلة الأصول، ولا من ناحية المجعول فيها (1).
رابعا - أركان منجزية العلم الإجمالي:
لا بد من توفر عدة عناصر في العلم الإجمالي كي يكون منجزا فتحرم مخالفته وتجب موافقته القطعيتين، وتلك العناصر هي:
أولا - العلم بجامع التكليف، إذ لولا العلم بالجامع لكانت الشبهة في كل طرف شبهة بدوية تجري فيها البراءة.
ولا فرق بين أن يكون العلم - بالجامع - علما وجدانيا أو تعبديا.
ثانيا - عدم سراية العلم بالجامع إلى أحد الفردين - مثلا - إذ لو كان الجامع