لذلك إلى بعض، ووجه بأنه: لعله كان في عصر لم يميز فيه بعد بين البراءة العقلية وقبح العقاب بلا بيان، وبين البراءة الشرعية والترخيص، فلعل مقصود القائل هو إمكان جريان الترخيص الشرعي في أطرافه (1).
وجاء في حقائق الأصول: أنه " حكي الخلاف فيه عن المحقق القمي والمحقق الخوانساري، والوجه في حكاية ذلك عبارتهما المحكية في رسائل شيخنا الأعظم في الشبهة الوجوبية، لكن في استظهار ذلك منها تأمل " (2).
إذن فالعلم الإجمالي كالتفصيلي من ناحية أصل التنجيز، فلا فرق بين العلم التفصيلي بوجوب الجمعة، أو العلم الإجمالي بوجوبه أو وجوب الظهر، فعلى المكلف أن يفرغ ذمته من التكليف في الحالتين، بإتيان الجمعة في الحالة الأولى، وبإتيان الظهر والجمعة في الحالة الثانية.
ثانيا - استلزام العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية:
تقدم أنه لا إشكال في أن العلم الإجمالي يقتضي تنجيزه بمقدار حرمة المخالفة القطعية، وأنه لا خلاف فيه بهذا المقدار، ولكن هنا يأتي دور البحث عن كيفية هذا الاستلزام هل هو على نحو العلية؟ أو الاقتضاء؟
والمقصود من العلية هو: أن العلم الإجمالي في حد ذاته علة لحرمة المخالفة القطعية كالعلم التفصيلي، فكما إذا علمنا بحرمة شئ تفصيلا يكون علمنا هذا علة لحرمة المخالفة فكذا لو علمنا بحرمته إجمالا، وبناء على ذلك لا يمكن - عقلا - جعل الترخيص في ارتكاب ذلك المحرم من دون فرق بين العلم التفصيلي والإجمالي.
وبعبارة أخرى: إن العلم الإجمالي كالتفصيلي في كشفه عن الواقع، فإراءته له إراءة كاملة لا قصور فيها، بل هو في الحقيقة علم تفصيلي بوجود التكليف، ولما كان العلم التفصيلي علة تامة لتنجيز متعلقه، كان العلم الإجمالي كذلك، ولا فرق بينهما في هذه الجهة أصلا.
والتردد في مقام تطبيق الحكم على كل من الأطراف لا يسري إلى التردد في أصل الحكم، فأصل الحكم واصل على كل