ألف - اللطف: والإجماع الحاصل بهذه الكيفية يسمى " إجماعا لطفيا " والرائد لهذه الطريقة هو شيخ الطائفة الطوسي، وحاصلها:
أن هناك ملازمة عقلية بين الإجماع وقول المعصوم عليه السلام وتقريبه هو:
أن لطفه تعالى بعباده - وهو أرحم الراحمين وأرأف بالإنسان من الأم بولدها - يقتضي أن يأخذ بيد الإنسان ويهيئ له سبل الهداية التي منها إعطاء العقل وإرسال الأنبياء ونصب الأوصياء وعصمتهم من الخطأ وإلا لما حصلت الهداية، ومنها: أنه لو اتفقت الأمة أو الفقهاء على خطأ أوجد ما يزيل هذا الاتفاق، ويهديهم إلى الصواب، ولو بإلقاء الخلاف من قبل الإمام عليه السلام، ولذلك فلو رأينا هناك اتفاقا فبحكم هذه القاعدة نستكشف أن ما اتفقوا عليه ليس خطأ بل هو صواب وإلا لوقع الاختلاف بينهم.
قلنا: إن الرائد لهذه الطريقة هو شيخ الطائفة الطوسي، هذا وذكر الشيخ الأعظم الأنصاري أن هذه الطريقة يمكن نسبتها إلى كل من اشترط - في تحقق الإجماع - عدم وجود مخالف من فقهاء العصر، قال: " ثم إن الاستناد إلى هذا الوجه ظاهر من كل من اشترط في تحقق الإجماع عدم مخالفة أحد من علماء العصر كفخر الدين والشهيد والمحقق الثاني "، ثم استظهر من الشهيد الأول والمحقق الداماد ذلك أيضا (1).
ولكن نوقشت هذه الطريقة:
أولا - بعدم وجوب اللطف عليه تعالى بحيث يكون تركه قبيحا في حقه تعالى عنه، بل كل ما يصدر عنه هو تفضل ورحمة.
ثانيا - وعلى فرض تسليم الوجوب فإنما هو على النحو المتعارف، وقد حصل بإرسال الرسل ونصب الأوصياء، وأما عدم وصول بعض الأحكام إلى المكلفين فإنما هو من قبل المكلفين أنفسهم الذين أوجدوا موانع ظهور الإمام عليه السلام بينهم.
ثالثا - إن كان المراد إلقاء الخلاف مع معرفة أن الملقي هو الإمام عليه السلام فهو مقطوع الانتفاء، وإن كان المراد إلقاؤه مع عدم معرفة كونه إماما فلا فائدة فيه (2).