وإما بنصب طريق مصيب، وإما بإيجاب الاحتياط عليه، لمنجزية نفس الاحتمال.
الثاني - أن لا يكون الغرض كالأول، بل يكون مطلوبا على تقدير وصول الخطاب تفصيلا، بحيث يكون العلم التفصيلي به موجبا لتمامية فعليته أولا، ولتنجزه ثانيا، ومن المعلوم أن إيصال الحكم الناشئ من مثل هذا الغرض ليس من وظيفة المولى، فكما لا يجب - على الحاكم - رفع موانع تنجزه، فكذلك يجوز له إيجاد المانع من وصوله إلى المكلف بنصب طريق غير مصيب، أو أصل مرخص.
والخلاصة: أن التكليف المعلوم بالإجمال إن كان من القسم الأول فهو يتنجز بالعلم الإجمالي، لوصول البعث أو الزجر إلى العبد الرافع لعذره من حيث الجهل، فيستحق العقوبة على المخالفة.
وإن كان من الثاني فهو لا يتنجز بالعلم الإجمالي - لا لقصور في العلم - بل لخلل في المعلوم، وهو عدم تحقق شرط تمامية فعليته أي العلم التفصيلي به (1).
ثالثا - المحقق النائيني:
وأما المحقق النائيني فيظهر من كلماته في فوائد الأصول القول بالعلية، لأن عدم جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي عنده إنما هو لأحد أسباب ثلاثة:
1 - إما لارتفاع موضوع الأصل - بسبب العلم الإجمالي - كما في أصالة الإباحة عند دوران الأمر بين المحذورين.
فلو علم إجمالا بوجوب فعل شئ أو تركه، فأصالة الإباحة في الفعل تقتضي الرخصة في كل من الفعل والترك، وأصالة الإباحة في الترك تقتضي ذلك أيضا، وهذا ينافي العلم بوجوب الفعل أو الترك، فإذن لا تجري أصالة الإباحة في كل من طرفي الفعل والترك، لأن مفادها يضاد المعلوم بالإجمال، فلا موضوع لها إذن.
2 - وإما لأن المجعول في الأصل معنى لا يعقل ثبوته في جميع الأطراف، وذلك كما في الأصول التنزيلية المحرزة كالاستصحاب، لأن المجعول فيها هو البناء العملي، وفرض أحد طرفي الشك هو الواقع، وإلغاء الطرف الآخر، وجعل الشك فيه كالعدم، ولكن لا يمكن تطبيق ذلك في