الحق الثابت في الذمة، وهنا لم يكن حق ثابت في ذمة المضمون عنه، لأن الحق قد انتقل - بسبب الضمان - إلى ذمة الضامن ولذلك يكون إبراؤه لغوا بخلاف ما إذا أبرأ الضامن فإن ذمته تبرأ، وببراءة ذمة الضامن لا يبقى شئ لا في ذمة الضامن، لحصول البراءة، ولا في ذمة المضمون عنه، لانتقال الحق إلى ذمة الضامن، وهذا هو القول المشهور، بل ادعي عليه الإجماع.
قال المحقق: " ولو أبرأ المضمون له المضمون عنه لم يبرأ الضامن على قول مشهور لنا " (1).
وقال صاحب الرياض: " ولو وهبه - أي الضامن المضمون له - أو أبرأه عن المضمون لم يرجع الضامن على المضمون عنه بشئ، ولو كان الضمان بإذنه.
وكذا لم يرجع المضمون له عليه [أي المضمون عنه] به عندنا بناء على انتقال الحق من ذمة إلى أخرى خلافا للعامة " (2).
وقال صاحب الجواهر: "... فلو أبرأ المضمون له المضمون عنه لم يبرأ الضامن من هذه الحيثية على قول مشهور لنا، بل مجمع بيننا، ضرورة عدم المحل للبراءة المزبورة بعد ما عرفت من براءة ذمته بالضمان عندنا، وإنما محلها حينئذ ذمة الضامن فإذا أبرأه برئا معا " (1).
وجاء مثل ذلك في المسالك (2) والكفاية (3) والعروة (4) والمستمسك (5) وتحرير الوسيلة (6) ومنهاج الصالحين (7).
الإبراء والكفالة:
لما كان مفاد الكفالة هو إحضار الكفيل المكفول عند المكفول له حين المطالبة، ولا يتضمن انتقال ذمة المكفول إلى ذمة الكفيل، بل تبقى ذمته (الكفيل) مشغولة، فلذلك تكون قابلة للإبراء، بخلاف الضمان الذي لم تبق ذمة المضمون له مشغولة بعده، وبناء على ذلك يصح للمكفول له إبراء المكفول، وحينئذ تبرأ