البدوية بعد الفحص - فلا تنجز كي يتحقق الهلاك بمخالفته الذي هو موضوع الآية (١).
ثالثا - قوله تعالى: ﴿اتقوا الله حق تقاته﴾ (٢)، وقوله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ (٣).
ووجه الاستدلال بهما هو:
أن غاية التقوى تقتضي الاجتناب في الشبهات، وعدم الاقتحام فيها أو عدم المبالاة بها.
والجواب عن ذلك هو:
أن اقتحام الشبهة مع وجود المؤمن الشرعي لا ينافي التقوى بحال، ومع قيام أدلة البراءة، فالمؤمن حاصل من الشارع، وأي محذور في اتباع رخص الشارع بعد ثبوتها عنه؟
نعم حق التقوى هو إتيان المندوبات وترك التعرض للمكروهات والمشتبهات، وذلك مما لا إشكال في رجحانه عقلا وشرعا، فيكون مفاد الآية مفاد قوله تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (4) حيث تدل على استحباب التقوى (1).
فاتضح إذن إن شيئا من الآيات لا يدل على لزوم الاحتياط في الشبهات البدوية، وإن دل فإنما يدل على الإرشاد إلى حكم العقل بلزوم الاحتياط في الموارد التي يكون التكليف فيها منجزا كموارد العلم الإجمالي، أو على حسن الاحتياط ورجحانه في ما لم يتنجز فيه التكليف كالموارد المبحوث عنها، وهو مما لا شك فيه، وذلك غير لزوم الاحتياط فيه.
الاستدلال بالسنة:
أما السنة فهناك أربع طوائف من الروايات - كما ذكر الشيخ - استدل بها على لزوم الاحتياط وهي كالآتي.
الطائفة الأولى:
وهي الأخبار الدالة على حرمة القول بغير علم، كقوله عليه السلام في خبر زرارة: قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الله على العباد؟
قال: أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عندما لا يعلمون " (2).