من الرأي والاجتهاد، وخطأه ظاهر... " (1).
هكذا نرى السيد المرتضى - أيضا - يهجم على الاجتهاد بهذا المعنى وإن كان يميل إلى قبوله في الموضوعات الخارجية - لا الأحكام - مثل الاجتهاد في تعيين القبلة وأمثالها (2).
وكذلك نرى الشيخ الطوسي في أواسط القرن الخامس يقول عندما يذكر صفات المفتي: " وقد عد من خالفنا في هذه الأقسام أنه لا بد أن يكون عالما بالقياس والاجتهاد... وقد بينا نحن فساد ذلك وأنها ليست من أدلة الشرع " (3).
وكذا نرى ابن إدريس - في أواخر القرن السادس - يستعرض في مسألة تعارض البينتين من كتابه " السرائر " عددا من المرجحات لإحدى البينتين على الأخرى ثم يعقب ذلك قائلا: " ولا ترجيح بغير ذلك عند أصحابنا، والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا " (1).
وهكذا استمر هذا الرفض العنيف للاجتهاد بمفهومه الخاص إلى أوائل القرن السابع، لأنه كان يعطي مفهوم القياس والرأي - أو كانا من مصاديقه الممقوتين لدى أئمة الشيعة عليهم السلام وفقهائهم - حتى تطور مفهومه الخاص إلى مفهوم أوسع منه.
المعنى العام للاجتهاد:
وبعد أن كان الاجتهاد عند السنة منحصرا في الرأي والقياس والاستحسان - على اختلاف في قبول بعضها - تطور مفهومه وأخذ يعطي معنى أوسع من معناه الأول الخاص. فهذا الغزالي المتوفى سنة (505) يعرف الاجتهاد بأنه: " عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال... ولكن صار اللفظ في عرف العلماء مخصوصا ببذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة " (2). وعرفه الآمدي بأنه: " استفراغ الوسع في طلب الظن بشئ من الأحكام على وجه يحس