ثالثا - المحقق العراقي:
وخلاصة ما أفاده هو أنه:
1 - إذا كان ناقل الإجماع ممن يعتمد على قاعدة اللطف مثل الشيخ الطوسي فمن المشكل الاعتماد عليه، لضعف المبنى.
2 - وأما إذا كان يعتمد على الحس كالفقهاء المعاصرين للغيبة الصغرى وما بعدها إلى فترة قصيرة أمثال الصدوقين، والمفيد، والمرتضى فلا بأس بأخذ ما ينقلونه، لأن إخبارهم عن السبب - وهو الاتفاق - حسي، ولا مانع من أن يكون إخبارهم عن المسبب - وهو رأي الإمام عليه السلام - إخبارا عن الحس أيضا.
3 - وأما إذا كان ممن يعتمد على الحدس بمعنى أنه يرى ملازمة بين رأي المتفقين ورأي المعصوم عليه السلام، للملازمة العادية بين اتفاق المرؤوسين مع رئيسهم على رأي والكشف عن كون رأي المرؤوس ذلك أيضا، فلا بأس به أيضا.
هذا كله إذا كان الناقل ناقلا للمسبب وهو رأي المعصوم عليه السلام، وأما إذا كان ناقلا للسبب وهو الاتفاق، فيختلف الحال باختلاف الحاكي من جهة مقدار اطلاعه وسعة باعه فيؤخذ بالمقدار الذي يمكن في حقه، فإن كان المقدار من الاتفاق الذي نقله - وكان ممكنا في حقه - بالمقدار الذي يمكن استكشاف رأي المعصوم منه فهو وإلا فلا (1).
رابعا - المحقق النائيني:
فإنه - بعد أن ذكر أقسام الإجماع وناقشها - اختار مسلك " الإجماع الكشفي " الذي أطلق عليه مسلك " تراكم الظنون "، وقال:
" فالإنصاف: أن الذي يمكن أن يدعى، هو أن يكون اتفاق العلماء كاشفا عن وجود دليل معتبر عند المجمعين، ولكن هذا إذا لم يكن في مورد الإجماع أصل أو قاعدة أو دليل على وفق ما اتفقوا عليه، فإنه مع وجود ذلك يحتمل أن يكون مستند الاتفاق أحد هذه الأمور، فلا يكشف اتفاقهم عن وجود دليل آخر وراء ذلك. نعم لو كان الاتفاق مستمرا من زمان الصحابة المعاصرين للأئمة عليهم السلام كزرارة ومحمد بن مسلم إلى زمان أرباب الفتوى إلى زمن المتأخرين فهو يكشف كشفا قطعيا عن رضا المعصوم