ليس لأحد السلطنة على حبس طعام الناس واحتكاره وإن كان مالا لنفسه، كما قلنا ليس لأحد حبس الأرض ومنعها عن العمارة... " (1).
ويبدو أن ما قاله لم ينفرد به إذا تأملنا في كلمات بعض الفقهاء، من ذلك ما تقدم من صاحب الجواهر حول الجمع بين القول بالكراهة والقول بالحرمة، وأنه في صورة الاضطرار لا يختص التحريم بالخمسة المذكورة بل يشمل كل ما يضطر إليه الناس ويحتاجون إليه من مأكول أو مشروب أو ملبوس (2).
وقال صاحب مفتاح الكرامة:
" ولولا ما في النهاية والسرائر وغيرهما من نفي الحكرة فيما عدا الخمسة لأمكن تنزيل النص والفتوى على المثال لا التقييد " (3).
إجبار المحتكر على بذل الطعام:
يظهر من كلمات الفقهاء أن ولي المسلمين يجبر المحتكر على بذل طعامه للناس بمعنى جعله في عرضة الشراء بحيث يتمكن الناس من شرائه، ويبدو أنه لا خلاف فيه، قال في الحدائق: " لا خلاف بين الأصحاب في أن الإمام يجبر المحتكرين على البيع وعليه تدل جملة من الأخبار... " (1)، وقال الشيخ الأعظم:
" الظاهر عدم الخلاف - كما قيل - في إجبار المحتكر على البيع حتى على القول بالكراهة " (2) ثم نقل الإجماع - عن المهذب البارع والتنقيح - على ذلك.
ومن هنا يظهر أن القول بالإلزام لا يخص القائلين بالتحريم، بل يشمل حتى القائلين بالكراهة، قال في الجواهر - مازجا لكلام صاحب الشرائع، وهما من القائلين بالكراهة -: " وكيف كان، فقد قيل: لا خلاف بين الأصحاب في أن الإمام ومن يقوم مقامه ولو عدول المسلمين يجبر المحتكر على البيع بل عن جماعة الإجماع عليه على القولين " (3).
ومن هنا يظهر أنه يلزم على القائلين بالكراهة تخصيص قاعدة " عدم الإجبار على غير الواجب " بهذا الإجماع