التطوير، كما أشبعنا الكلام في ذلك في مقدمتنا للكتاب وعنوان (اجتهاد) فراجع.
هذا، وقد قدر بأن يستمر الاتجاه الثاني ويتوقف الاتجاه الأول كطريق للاستنباط، وإن كان له أنصار أحيانا هنا وهناك.
ولكن بعد مرور عدة قرون، وفي إبان القرن الحادي عشر وجد تحرك جديد في هذا الاتجاه الفقهي، ووصل إلى ذروته بيد المولى محمد أمين الاسترآبادي المتوفى (1033 أو 1036).
وتلخصت نظريته في الأمور التالية:
1 - القول بتحريم الاجتهاد والتقليد ولزوم الرجوع إلى الروايات، لأنها متضمنة لقواعد قطعية ترتفع الحاجة معها إلى علم الأصول والدراية والمعاني والبيان. والروايات مشتملة على قرائن حالية أو مقالية جعلتها قطعية - بخلاف كتاب الله وسنة رسوله (ص)!! -. وعند تعارض الروايات لا بد من الرجوع إلى المرجحات المذكورة في روايات الترجيح من الأعدلية والأوثقية ونحوهما، وعند فقدها فاللازم هو التوقف والاحتياط. (1) 2 - رفض حجية الكتاب بما هو، ولزوم الرجوع في الأخذ به إلى الروايات مطلقا (2).
3 - رفض حجية الإجماع إلا مع القطع بدخول المعصوم (ع) في المجمعين، فلذلك لا حجية للإجماعات المنقولة في كتب الفقهاء، لعدم القطع بدخول قول المعصوم (ع) في أقوال المجمعين (3)، وأما الإجماع بنحو آخر - كاتفاق مجتهدي عصر واحد - فهو غير حجة أيضا (4).
4 - وأما العقل، فإن كلامه فيه مضطرب، وربما يظهر من بعض عباراته أن ما قطع به العقل فهو حجة، لكن لا يحصل القطع إلا من العلوم المبتنية على الإحساس، وتوضيح ذلك:
إن العلوم النظرية قسمان: قسم ينتهي إلى مادة قريبة من الحس مثل علوم الرياضيات والمنطق وما شابه ذلك، وقسم ينتهي إلى مادة بعيدة عن الحس كالحكمة