مع عدم علمه بحصول التلف بسببه أيضا إذا كان عاقلا غير مكره، لأن الضمان لا يدور مدار العلم والجهل.
موارد تقديم السبب على المباشر:
تقدم أن المباشر يقدم على السبب في مورد اجتماعهما، لأنه أقوى من حيث انتساب الفعل إليه، وأشرنا إلى أن السبب قد يتقدم على المباشر لو كان أقوى منه، وهذه قاعدة كلية، ولكن استثنى الفقهاء مورد الإكراه، وبعضهم استثنى مورد الغرور أيضا، ولكن يبدو أن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، قال صاحب الجواهر:
" وكيف كان فقد استثنى غير واحد من الأصحاب من قاعدة تقديم المباشر ما إذا ضعف المباشر، وفي الدروس واللمعة الاقتصار على استثناء الغرور والإكراه، بل في القواعد الاقتصار على الثاني منهما، كما في الإرشاد الاقتصار على الأول منهما، إلا أن الظاهر إرادة المثال، ضرورة ضعف الريح والشمس والنار والسبع وغيرها مما لا عقل له ولا اختيار... " (1).
ونحن نقتصر - هنا - على بيان مورد الإكراه:
الإكراه على الإتلاف:
إذا أكره شخص على الإتلاف فلا ضمان عليه، بل الضمان على المكره - إلا في النفس - والسر في ذلك هو: أن السبب وهو المكره أقوى من المباشر وهو المكره، ولذلك ينسب الفعل إليه عرفا.
قال المحقق: " ولا يضمن المكره المال وإن باشر الإتلاف، والضمان على من أكرهه، لأن المباشرة ضعفت مع الإكراه، فكان ذو السبب هنا أقوى " (1).
وعلق عليه في الجواهر بقوله: " بلا خلاف أجده في شئ من ذلك " (2).
وقال في العناوين: "... قالوا: إن المباشر والسبب لو اجتمعا فالضمان على المباشر إلا في صورة الإكراه... " (3).
وقال في القواعد الفقهية: "... أما إذا أكره على إتلاف مال الغير فالضمان على المكره (بالكسر) لا على المتلف الذي هو مكره (بالفتح)، لأن السبب هنا أقوى