الإجارة إنما تقع على أن يجعل الأجير نفسه نائبا عن المنوب عنه وفي محله، وهذا العمل لا يحتاج في تحققه إلى قصد القربة، بل بمجرد أن ينوي الشخص أن يصير نائبا عن الشخص الآخر تتحقق النيابة، نعم إن متعلق النيابة - وهو الفعل العبادي حسب الفرض - يحتاج إلى قصد القربة فهو بعد فراغه عن جعل نفسه نائبا ولو بداعي الأجرة ينوي إتيان الفعل بداعي القربة، ولا منافاة بينهما (1).
وبتوجيه آخر: إن عمل النيابة يمكن أن يقع مع قصد القربة - امتثالا للأوامر الواردة في النيابة عن الأموات بل الأحياء في بعض الأحيان - كما يمكن أن يقع من دون ذلك إما غفلة عن تلك الأوامر، أو لعدم الاعتناء بها، فيصبح الشخص نائبا عن غيره مع عدم قصد القربة في أصل النيابة. ومن جهة أخرى قد تجب النيابة بسبب الإجارة، أي إن هذا الأمر التبرعي قد يجب بسبب الإجارة، وعندئذ لا يخرج النائب عن عهدته إلا بامتثال متعلق الإجارة وهو إتيان الأمر العبادي بقصد القربة، ولا منافاة بين ذلك وبين أخذ الأجرة (1).
وهناك تقريبات وتوجيهات أخر لسنا بصدد التعرض لها فعلا.
2 - وأما بالنسبة إلى الواجبات التوصلية، فنقول: إن الواجب التوصلي تارة يكون عينيا وتارة كفائيا.
فإذا كان توصليا عينيا فلا إشكال ظاهرا في أخذ الأجرة عليه، كما إذا وجب إزالة النجاسة عن الثوب مقدمة للصلاة فيجوز استئجار شخص آخر لذلك.
ويشهد لذلك السيرة المتصلة بزمن المعصومين عليهم السلام.
وأما إذا كان الواجب توصليا كفائيا، فإما أن يجب ذلك على الأجير أيضا أو لا؟ فإذا فرضنا عدم وجوبه كفاية على الأجير فلا إشكال في استئجاره عليه أيضا كما إذا وجب الجهاد على القادرين - الواجدين للشرائط كالمركوب والعتاد وأمثال ذلك - كفاية، فكان الواجد راغبا عن الذهاب فاستأجر من لا عتاد ولا مركب له، ودفع له ما يحتاج إليه، فلا