الحرمة، ولم يميز الشارع بينها بعلامة، واشتبه بعضها ببعض مع كونها غير محصورة، فالجميع حلال حتى يعرف الحرام بعينه على الخصوص، فمورد الحكم حينئذ هو موضوع الحكم الشرعي دون الحكم الشرعي نفسه، وبهذا التخصيص جزم المحدث الاسترآبادي.
وظاهر جمع ممن قدمنا نقل الخلاف عنهم في القاعدة المتقدمة (1) إجراء ذلك أيضا في نفس الحكم الشرعي، ومقتضى ذلك أنه لو وجد حيوان مجهول مغاير للأنواع المعلوم حلها وحرمتها من الحيوانات، فإنه يحكم بحله بناء على عموم القاعدة المتقدمة... " (2).
ثم اختار هو التوقف، كما تقتضيه طريقته.
ولا يخفى أن بعض فقهائنا الأصوليين يرون أن الإباحة المستفادة من الروايات خاصة بالشبهات الموضوعية - كما ذهب إليه السيد الخوئي في مصباح الأصول (3) - إلا أنه لا تلازم بين ذلك وبين اختصاص أصالة الإباحة بالموضوعات لاستفادة التعميم من غير الروايات.
الفرق بين الإباحة والبراءة:
قد يتوهم اتحاد مسألتي الإباحة والبراءة، ولكن قد أكد عديد من الفقهاء والأصوليين على التفرقة بينهما، منهم المحقق النائيني حيث فرق بين المسألتين بما يلي:
1 - إن البحث عن الحظر والإباحة ناظر إلى حكم الأشياء من حيث عناوينها الأولية بحسب ما يستفاد من الأدلة الاجتهادية، والبحث عن البراءة والاشتغال ناظر إلى حكم الشك في الأحكام الواقعية المترتبة على الأشياء بعناوينها الأولية، فللقائل بالإباحة في تلك المسألة أن يختار الاشتغال (الاحتياط) في هذه المسألة وبالعكس.
2 - إن البحث عن الحظر والإباحة راجع إلى جواز الانتفاع بالأعيان الخارجية من حيث كونه تصرفا في ملك الله تعالى وسلطانه، والبحث عن البراءة والاشتغال راجع إلى المنع والترخيص في