منهم المحدث البحراني (صاحب الحدائق) حيث قال: " اعلم أن البراءة الأصلية على قسمين: أحدهما: إنها عبارة عن نفي الوجوب في فعل وجودي إلى أن يثبت دليله بمعنى أن الأصل عدم الوجوب حتى يقوم عليه دليل، هذا القسم مما لا خلاف في صحة الاستدلال به والعمل عليه.
وثانيهما: إنها عبارة عن نفي التحريم في فعل وجودي إلى أن يثبت دليله، بمعنى أن الأصل الإباحة وعدم التحريم إلى أن يقوم دليله، وهذه هي البراءة الأصلية التي وقع النزاع فيها نفيا وإثباتا، جميع العامة وأكثر الأصوليين من أصحابنا على القول بها... إلى أن قال:
وجملة علمائنا المحدثين وجمع من أصحابنا الأصوليين على عدم ذلك، بل أوجبوا التوقف والاحتياط، وربما قيل - أيضا -: بأن الأصل التحريم إلى أن يثبت الإباحة وهو ضعيف، وممن صرح بالتوقف واختاره الشيخ في العدة ونقله أيضا عن شيخه المفيد... " (1).
ثم نقل كلام الشيخ في الحظر والإباحة.
أقسام الإباحة:
للإباحة انقسامات عديدة نشير إليها فيما يلي:
أولا - انقسامها من حيث المبيح:
تنقسم الإباحة من حيث المبيح إلى الأقسام التالية:
1 - الإباحة الشرعية: وهي ما إذا كان المبيح هو الشارع، كما في إباحته لحيازة المباحات وإحياء الموات، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من غرس شجرا أو حفر واديا بديا لم يسبقه إليه أحد، أو أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله " (1).
ومثل إباحته لأكل مال الغير في الموارد التي تضمنته الآية وهي قوله تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم