الاجتهاد المطلق ووقوعه، إذ ليس المقصود منه الاستنباط الفعلي حتى يقال: ليس هناك من استنبط حكم جميع المسائل فعلا، بل المراد منه الملكة والقدرة على الاستنباط بالنسبة إلى كل المسائل وهي ممكنة بل حاصلة عند كثير من فقهائنا الذين استنبطوا أحكام أكثر المسائل.
وهذا لا كلام فيه، وإنما المهم هو البحث في إمكان التجزئ ووقوعه ففيه أقوال ثلاثة:
الأول - القول بامتناعه:
نقل ذلك عن بعض بدعوى أن ملكة الاستنباط أمر بسيط فإما أن تحصل أو لا؟ فإن حصلت فلا يمكن تجزئتها، وبعبارة أخرى إنما يدور أمر الملكة بين الوجود والعدم، ولا يعقل أن تتحقق متبعضة.
وأجيب عن ذلك:
بأن بساطة الملكة وعدم قبولها التجزئة لا تمنع من حصولها بالنسبة إلى بعض الأبواب بحيث يتمكن بها من الإحاطة بمداركه (1). أو بأن التجزئة ليست في أجزاء نفس الملكة حتى يقال بأنها بسيطة بل في أفرادها، وبعبارة أخرى: ليس المقصود من التجزئ في الاجتهاد هو تجزئة الكيفية، بل المقصود منه هو التجزئ في متعلقها سعة وضيقا كملكة الشجاعة وغيرها، فإنها قد تتسع وقد تتضيق باعتبار متعلقاتها، وأما نفس الملكة فهي واحدة (1).
الثاني - لزوم التجزئ:
بمعنى أنه لا يمكن التوصل إلى الاجتهاد المطلق إلا باجتياز مرحلة التجزئ، فكل مجتهد مطلق لا بد وأن يكون يوما مجتهدا متجزئا، كما ذهب إليه صاحب الكفاية (2).
ويظهر من السيد الخوئي الرغبة إلى ذلك حيث قال: " بل لا يبعد أن يقال: إن المطلق من الاجتهاد مسبوق بالتجزئ - دائما - وأن أي مجتهد مطلق كان متجزئا في زمان ثم قوي وترقى شيئا فشيئا حتى تمكن من استنباط أكثر الأحكام أو كلها، وذلك لأن دعوى أن الرجل قد أصبح