مقدورا للمكلف لا عدم كون بعضها خارجا عن محل الابتلاء، وأن الغالب في الأمثلة التي ذكروها لخروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء إنما هي أمثلة لخروج بعض الأطراف عن القدرة.
ثالثا - الاضطرار إلى بعض الأطراف:
إذا اضطر المكلف إلى ارتكاب بعض أطراف العلم الإجمالي، فلا إشكال في رفع الحرمة عما اضطر إليه، ولكن هل ترتفع بالنسبة إلى الطرف الآخر، أو يبقى العلم الإجمالي على منجزيته ويوجب حرمة الطرف الآخر؟
وللإجابة على هذا السؤال قسموا الاضطرار - هنا - إلى قسمين: الاضطرار إلى فرد معين من الطرفين، والاضطرار إلى فرد غير معين، وكل منهما قد يكون الاضطرار فيه حادثا بعد العلم بالتكليف، وتارة قبل التكليف، وتارة بعد التكليف وقبل العلم به. ولكن لا يفترق الحال بالنسبة إلى ما كان فيه الاضطرار إلى فرد غير معين، فتكون الحالات المبحوث عنها أربعا نشير إليها فيما يلي:
1 - أن يكون الاضطرار إلى المعين بعد العلم بالتكليف:
كما إذا علم إجمالا بوقوع نجاسة في الإناء الذي فيه ماء، أو في الإناء الذي فيه دواء، ثم اضطر إلى شرب الدواء، فالمعروف - كما ذهب إليه الشيخ والمحققان النائيني والعراقي ومن تأخر عنهما - هو أن الاضطرار لا يمنع من منجزية العلم الإجمالي بالنسبة إلى الطرف الآخر فيجب الاجتناب عنه وإن اختلفت تعليلاتهم في ذلك.
وأما صاحب الكفاية فقد خالفهم في الكفاية (1) فالتزم بعدم منجزية العلم الإجمالي بسبب الاضطرار، لكنه وافقهم في حاشيته على الفرائد (2).
2 - أن يكون الاضطرار إلى المعين قبل التكليف:
كما إذا اضطر إلى شرب الدواء ثم علم إجمالا بوقوع نجاسة إما في الإناء الذي فيه الدواء وإما في غيره، فالمعروف بينهم عدم منجزية هذا العلم، لأنه لا يوجب تكليفا جديدا بالنسبة إلى الإناء الذي فيه الدواء إذ هو مباح بالاضطرار، وأما الإناء الآخر فوقوع النجاسة فيه