الدليل على حجية الإجماع:
ونحن حينما نستدل على الإجماع فتارة نستدل عليه ونحن ننظر إليه بمنظار العامة، وتارة بمنظار الخاصة.
أولا - الاستدلال على تفسير الجمهور:
استدل جمهور العامة على حجية الإجماع بالكتاب والسنة والعقل.
ألف - الكتاب:
استدلوا له بعدة آيات أهمها قوله تعالى:
﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ (١).
ووجه الاستدلال هو الجمع بين مشاقة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين في التحريم، فيلزم أن يكون اتباع غير سبيل المؤمنين حراما، أي إذا اتخذ المؤمنون طريقا واتفقوا عليه يحرم اتخاذ طريق آخر يخالفه.
ونوقش هذا الاستدلال بأن تعدد الشرط مع وحدة الجزاء ظاهر في اشتراكهما في علة التحريم، فيكون لازمه أن اتباع غير سبيل المؤمنين من دون مشاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يكون حراما.
ولعل المراد من الآية: أن من يتبع غير سبيل المؤمنين من سبل الكفر - الذي يلازم مشاقة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دائما - يوليه الله يوم القيامة ما تولى، أي يربط مصيره بمصير من تولاه. فيكون مفاد الآية مفاد قوله تعالى: ﴿يوم ندعوا كل أناس بإمامهم﴾ (١).
فالآية - إذن - أجنبية عن جعل الحجية للإجماع (٢).
وهناك آيات أخر استدلوا بها أيضا، مثل قوله تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس﴾ (3)، وقوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن