تجب الموافقة القطعية أو لا تجب، بمعنى أنه يجوز جعل الترخيص في بعض الأطراف؟ ويرجع هذا السؤال - في الواقع - إلى السؤال عن أن العلم الإجمالي هل هو علة لوجوب الموافقة أو مقتض له لا أكثر؟ فعلى الأول تجب الموافقة ولا يجوز الترخيص في بعض الأطراف، وعلى الثاني تجب أيضا ولكن يجوز الترخيص فيها.
وهنا مسلكان ذهب إلى كل منهما بعض:
الأول - مسلك العلية ووجوب الموافقة القطعية:
وهو الذي ذهب إليه المحققان صاحب الكفاية وتلميذه العراقي، قال الأول: " وقد انقدح أنه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعية مع حرمة مخالفتها، ضرورة أن التكليف المعلوم إجمالا لو كان فعليا لوجب موافقته قطعا، وإلا لم يحرم مخالفته كذلك أيضا " (1).
وقال الثاني: " وأما الجهة الثانية:
فالتحقيق فيها أيضا هو علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية على وجه يمنع عن مجئ الترخيص على الخلاف ولو في بعض الأطراف " (1).
الثاني - مسلك الاقتضاء وإمكان جعل الترخيص:
وهو الذي ذهب إليه المحقق النائيني والسيد الخوئي والإمام الخميني والسيد الصدر.
قال المحقق النائيني: " وأما الجهة الثانية - أعني وجوب الموافقة القطعية فالأقوى وجوبها أيضا، لأنه يجب عقلا الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالإجمال، وهو لا يحصل إلا بالاجتناب عن جميع الأطراف.
نعم للشارع الإذن في ارتكاب البعض والاكتفاء عن الواقع بترك الآخر كما سيأتي بيانه... " (2).
ثم بدأ في بيان مختاره إلى أن قال:
" والحاصل: أن الذي لا بد منه عقلا هو القطع بالخروج عن عهدة التكليف والعلم بحصول المؤمن من تبعات مخالفته، وهذا كما يحصل بالموافقة القطعية الوجدانية