من عظيم الفساد... " (1).
أسباب ظهور الأخبارية:
وأما الأمور التي سببت ظهور الأخبارية ودفعت بالاسترآبادي لإظهار عقيدته فهي على الإجمال كما يلي:
أولا - التوجه الكثير نحو علم الأصول من قبل العلامة الحلي والشهيدين قدس سرهم، ولذلك كان يجعل الاسترآبادي اللائمة الكبيرة على هؤلاء بعد القديمين - ابن أبي عقيل وابن الجنيد - والشيخ المفيد وتلميذيه السيد المرتضى والشيخ الطوسي وابن إدريس، واتهمهم بأنهم غيروا الطريقة التي كان عليها أصحاب الأئمة (ع) (2).
ثانيا - شياع الفقه التحليلي العقلي على يدي المحقق الكركي والمحقق الأردبيلي قدس سرهما، فإنهما اعتمدا على الاستدلالات العقلية أكثر من الروايات.
ثالثا - اعتناء تلامذة المحقق الأردبيلي - كالسيد عبد الله التستري، وصاحبي المدارك والمعالم - بالروايات الصحيحة، وحذف كثير من الروايات الضعيفة، بل وحتى الموثقة، كما يظهر من كتابي منتقى الجمان والمدارك، وهذا مما دعا الاسترآبادي لانتقادهما (1).
رابعا - تأثر الاسترآبادي بأساتذته - وهو الأهم -، فإنه قد تأثر بصاحب المدارك في رفضة الإجماع من جهة، كما وتأثر بأستاذه الآخر وهو الميرزا محمد علي الاسترآبادي صاحب " الرجال " حيث أمره بإحياء الطريقة الأخبارية ودفع الشبهات عنها، وقال له: إنه كان بصدد ذلك لكنه لم يوفق له، ورجا لتلميذه - الاسترآبادي - التوفيق لذلك (2).
خامسا - ويمكن أن نعد من الأسباب ترك الاسترآبادي للمراكز العلمية التي كانت مشجعة للفقه العقلي والأصولي كالنجف وإصفهان، واستيطانه مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهما بعيدتان عن أجواء الفكر الأصولي الشيعي.
وذكروا عوامل أخرى كتشجيع السلاطين الصفويين لوجود هذا الاختلاف