في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا " (1).
والاستدلال بها واضح ولكن ناقشوها:
أولا - بأن هذه الأخبار تشمل - بإطلاقها - الشبهات الموضوعية والشبهات الحكمية الوجوبية أيضا، مع أنه لا يجب فيها الاحتياط باعتراف الأخباريين فلا بد إما من تخصيصها بالشبهات التحريمية، والحال أنها تأبى عن التخصيص، وإما من حملها على الاستحباب أو على مطلق رجحان الاحتياط الشامل للوجوب والاستحباب.
ثانيا - إن حسن الاحتياط مما استقل به العقل، وظاهر هذه الأخبار هو الإرشاد إلى هذا الحكم العقلي، فيكون تابعا لما يرشد إليه، وهو يختلف باختلاف الموارد، ففي بعضها يكون الاحتياط واجبا، كما في الشبهة قبل الفحص والمقرونة بالعلم الإجمالي، وفي بعضها يكون مستحبا كما في الشبهة البدوية بعد الفحص (2).
إذن، أن أخبار الاحتياط لو تمت دلالتها على اللزوم فإنما تدل على لزوم الاحتياط في الشبهات المقرونة بالعلم الإجمالي، والشبهات البدوية قبل الفحص، ودلالتها على هذا المقدار يكون إرشادا إلى حكم العقل بلزوم الفراغ، ولا تدل على لزوم الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص مطلقا سواء في الشبهات الوجوبية أو التحريمية.
حسن الاحتياط شرعا:
بعد الفراغ عن عدم تمامية شئ مما استدل به على لزوم الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص، يقع البحث عن مجرد حسنه واستحبابه، والكلام تارة يقع في حكم الاحتياط في الشبهة البدوية عموما، وتارة في خصوص العبادات.
أولا - حسن الاحتياط مطلقا:
ذهب المشهور إلى حسن الاحتياط عقلا واستحبابه شرعا - في العبادات والتوصليات مطلقا - تمسكا بالأخبار التي استدل بها الأخباريون، فإنها لا إشكال في دلالتها على أصل الرجحان والاستحباب في نفسها أو بعد الجمع بينها