إعادة الفعل مرات كثيرة فإن ذلك لم يمنع من الحكم بصحة العبادة، لأنها قد أتي بها في ضمن الأفراد المتكررة، نعم قد يحصل العبث في كيفية الإطاعة والامتثال لا في أصله، ولا يقدح ذلك في تحققه (1).
ثانيا - وجوب الاحتياط:
وبعد أن ثبتت مشروعية الاحتياط إجمالا لا بد من ملاحظة حكمه هل هو واجب أو جائز ليس إلا من دون اتصافه بالوجوب؟
يرى المتأخرون أنه واجب ولكن تخييرا، إذ المكلف يجب عليه إما أن يكون مجتهدا في تحصيل العلم بالأحكام الشرعية أو مقلدا أو محتاطا وليس هناك طريق ثالث. قال السيد اليزدي في العروة:
" يجب على كل مكلف في عباداته ومعاملاته أن يكون مجتهدا أو مقلدا أو محتاطا " (2).
وهل مصدر هذا الوجوب هو الفطرة لما يدركه الإنسان بفطرته من " لزوم دفع الضرر المحتمل "؟ أو العقل بملاك ما يستقل به العقل من لزوم شكر المنعم المتحقق - هنا - بامتثال أوامر الشرع؟ أو الشرع لما ورد من الحث على السؤال عن أهل الذكر والعلماء فيكون واجبا شرعيا نفسيا، أو بملاك وجوب التعلم مقدمة لامتثال التكاليف فيكون واجبا شرعيا غيريا؟ وجوه بل أقوال.
راجع: الملحق الأصولي: اجتهاد / حكم الاجتهاد / أولا - الحكم التكليفي.
ثالثا - لزوم الاجتهاد أو التقليد في جواز الاحتياط:
قال السيد اليزدي في العروة: " في مسألة جواز الاحتياط يلزم أن يكون مجتهدا أو مقلدا، لأن المسألة خلافية " (1).
ووافقه السيد الخوئي في أصل الحكم وتعليله (2) ولكن خالفهما السيد الحكيم في التعليل فقال: " لا ريب أن الاكتفاء بالاحتياط في نظر العقل إنما هو لكونه موجبا للعلم بأداء الواقع المؤدي إلى الأمن من تبعة مخالفته، فإذا أدرك عقل المكلف ذلك كان مجتهدا في مسألة جواز الاحتياط حينئذ ولزم الاكتفاء به وإلا