ويظهر من المحقق الكركي موافقته للعلامة، لأنه قال: " ظاهر المصنف في المنتهى: " أن الاحتكار إنما يتحقق إذا اشترى الطعام وحبسه "، وحسنة الحلبي عن الصادق عليه السلام حيث قال: " الحكرة:
أن يشتري الطعام ليس في المصر غيره فيحتكره " تدل عليه " (1).
هذا، ولكن أغلب الفقهاء الذين تعرضوا للمسألة عمموا التحريم لوجود ملاكها وهو " ترك الناس ليس لهم طعام " في صورتي شراء الطعام أو تحصيله له بالزراعة أو عن طريق آخر كالإرث والهبة وغيرها، بل وحتى لو كان قد اشتراه لحاجته فانقضت حاجته فحبسه متربصا للغلاء كما صرح بذلك كله الشيخ الأعظم في المكاسب (2).
هل حكم الاحتكار مقيد بعدم الباذل؟
قيد عديد من الفقهاء - حتى بعض القائلين بكراهة الاحتكار - حكم الاحتكار بقيد زائد وهو: أن لا يكون باذل للطعام غير المحتكر، وإلا فلا يكره أو فلا يحرم. قال الشيخ المفيد - وهو من القائلين بالكراهة -: " فإن كانت الغلات واسعة وهي موجودة في البلد على كفاية أهله لم يكره احتباس الغلات " (1) وقال الشيخ الطوسي: " وإنما يكون الاحتكار إذا كان بالناس حاجة شديدة إلى شئ منها ولا يوجد في البلد غيره... " (2) وقال ابن إدريس - وهو من القائلين بالحرمة -:
" وإنما يكون الاحتكار منهيا عنه إذا كان بالناس حاجة شديدة إلى شئ منها ولا يوجد في البلد غيره " (3)، وقال في الشرائع - بعد بيان حكم الاحتكار وهو الكراهة عنده -: " بشرط أن يستبقيها للزيادة في الثمن ولا يوجد بائع ولا باذل " (4) وقال العلامة في المنتهى: " إنما يتحقق الاحتكار المحرم أو المكروه على اختلاف الرأيين عند احتياج الناس إلى طعام وعدم الباذل والبائع " (5).
وهكذا غيرهم من الفقهاء كالمحقق