وبعد أن خيرهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المقام عنده وبين اختيار أنفسهن قامت أم سلمة - وهي أول من قامت - وقالت: قد اخترت الله ورسوله فقمن كلهن فعانقنه وقلن مثل ذلك (١).
المفهوم من مجموع الأخبار: أن وجوب هذا التخيير وما يترتب عليه من وجوب الطلاق لو اخترن أنفسهن وحصول البينونة بهذا الطلاق من دون جواز رجعته لو وقع، مما خص به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس لغيره من الناس (٢). وإن كان يظهر من بعض الأخبار أن ذلك لعموم الناس لكنها محمولة على التقية (٣).
هل يحتاج الطلاق إلى صيغة؟
والأمر المهم الذي ينبغي توضيحه هو: أنه لو اخترن أنفسهن فهل تحصل البينونة بمجرد الاختيار أو لا بد من الطلاق؟ فيه قولان:
الأول - أن ذلك كناية عن الطلاق فلا يقع به الطلاق، بل لا بد من التطليق صريحا، لأن التخيير ليس له حكم بنفسه، بل ظاهر الآية أن من اختارت الحياة الدنيا وزينتها يطلقها، لقوله تعالى: ﴿وإن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا﴾ (1).
وهذا رأي أغلب فقهاء الإمامية، بل ادعي عليه الإجماع في المسالك (2) والحدائق (3).
الثاني - أن هذا التخيير وإن كان كناية عن الطلاق لكنه يقع به، لأنه من خواصه صلى الله عليه وآله وسلم فلا يحتاج إلى الصيغة، نقل ذلك عن الشيخ في المبسوط والعلامة في القواعد، والتحرير (4). وصرح به الفاضل المقداد في كنز العرفان، فقال:
" والتخيير هنا كناية عن الطلاق، فمن اختارت الدنيا انفسخ نكاحها وهو من خواصه " (5).
وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل بوقوعه طلاقا مع نيته واختيارها نفسها