ومع ترك العمل عليها فما يفوتهم من المصالح أغلب مما يصيبونه بخصوص العلم، فكان الفائت حينئذ الجميع.
والشرع إنما أمضى هذه الطريقة، ولم يخترع شيئا في قبال العرف، ولأجل رعاية هذا الملاك الثابت لديهم ردع عن القياس، لغلبة الخطأ فيه في الأحكام التعبدية التي لا علم لنا بالملاكات.
فما يفوت [عن] أهل القياس أكثر مما يصيبهم من المصالح، بعكس خبر الثقة، ولا طريقة عرفية في الأمور التعبدية على العمل بالقياس، بل لو تم العمل منهم، لكان في الموضوعات الصرفة التي لا كاشف عنها غير الظن القياسي.
وعليه: فدعوى اشتمال الأمارة على المصلحة حذرا من التفويت بلا بدل من الحكيم - كما ترى - لا يناسبه كون الحجية إمضاء لا تأسيسا، ولا أمرا خاصا بموارد الخطأ; فليس على الشارع رعاية المصلحة في الطريق; كما ليس على العقلاء إلا رفع اليد عن الفائت بالطريق إذا كان غيره الغالب، والمفروض أنه لولا حجية الطريق لكان الفائت جميع المصالح إلا ما اصيب بالعلم، وهو النادر جدا.
{بيان لتصوير الإجزاء} ويمكن أن يقال: إن اشتراك العالم والجاهل ومن قام عنده أمارة على الخلاف ومن لم تقم عنده، لا يقتضي عدم الإجزاء، لإمكان تقييد موضوع الحكم الواقعي، بغير من استوفى مصلحة الانقياد المقتضية لجعل الحجية لمطلق الأمارات، ما كانت مصيبة وما لم تكن في الواقع كذلك، فيكون العمل على طبق الأمارة واجبا بوجوب ظاهري; لكنه بعد الاستيفاء يكون واقعيا ثانويا تكون مصلحته