الجامع ليس واحدا مقوليا حتى يرد فيه الإشكال من الجهتين المذكورتين، بل هو عنواني انتزاعي، مصحح الانتزاع تعلق الأمر بكل من المراتب على ما هي عليها من الخصوصيات، ولذا يؤثر الكل - بجهة مصححة لانتزاع ذلك الواحد منها - في أثر واحد نوعي، أعني المرتبة الخاصة من النهي عن الفحشاء.
{نقد القول بوضع الصلاة للمرتبة الكاملة} وأما جعل الصلاة عبارة عن الكاملة وجعل الناقصة أبدالا، فهو وإن كان لا مناص عنه بناء على استحالة الجامع بين المراتب الصحيحة وعدم تصوير الجامع للأعم، لكنه مقطوع بعدمه في نفسه، كما لا يخفى على من لاحظ مرتكزات المتشرعة; فإن الصلاة كانت مطلقة من الصدر الأول، على الكل بجهة واحدة وبمعنى فارد.
كما أنه لابد من فرض الجامع في المرتبة الكاملة، أعني صلاة القادر المختار، مع اختلاف بحسب الركعات وكميتها، تارة، كصلاة الحاضر والمسافر، بل صلوات الليل والنهار لكل منهما، و [ومع اختلاف بحسب الكيفيات، اخرى] كوجوب الجماعة وعدمه في الجمعة وغيرها، ووجوب القراءة على غير المأموم وعدمه عليه، ومبطلية زيادة الركوع في غير متابعة المأموم; فإن كان الجامع مركبا، فكيف ينطبق بنفسه على واجد جزء وفاقده، وواجد شرط وفاقده، وواجد ركعة وفاقدها; فلا يكون المأمور به من ذلك الجامع إلا متخصصا في كل مرتبة بخصوصية وجودية أو عدميه، بحيث لو ازيلت الخصوصية كانت فاسدة من المأمور بالمتخصص بها; فيلزم عدم كونه جامعا بين المراتب الصحيحة، بل بين ما يتصف بالفساد تارة والصحة اخرى، لأن الواجد لخصوصية، مأمور به وصحيح، وفاقدها، غير مأمور به وفاسد ممن يضاف إليه الصحيح.